آخر تحديث: 15 / 12 / 2025م - 11:18 م

تاسي: هل هي السيولة؟

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال

ليس مستغرباً ألا تُعير سوق ”تداول“ اعتباراً كبيراً لانخفاض سعر الفائدة 25 نقطة أساس، إثر تخفيض البنك المركزي السعودي سعر الريبو «سعر اقتراض البنك المركزي من البنوك» والريبو المعاكس «سعر فائدة إقراض البنك المركزي السعودي للبنوك» 25 نقطة أساس، فقد انخفض المؤشر في اليوم التالي 0.21 نقطة، في تحرك لمسايرة خفض الاحتياطي الفدرالي لسعر الفائدة على الدولار إلى 3.50 بالمائة -3.75 بالمائة، لمواءمة السياسة النقدية، في حين ان الاسواق الامريكية تفاعلت إيجابياً مع خفض سعر الفائدة رغم أنه كان خفضاً متوقعاً.

أما لماذا لم تعر سوق الأسهم السعودية اهتماماً، فلعل السبب هو أن تأثير الخفض على توفير المزيد من السيولة ضئيل، فضلاً عن أن نمو السيولة في الاقتصاد السعودي خلال 2025 كان صحياً، وتحديداً نما عرض النقود «M3» في سبتمبر 7.8 بالمائة، مقارنة بعام مضى وبلغ 3.12 ترليون ريال، وفقاً لبيانات البنك المركزي السعودي.

مما يوجد مبرراً للقول بأن السوق المالية «تداول» - في تقديري - تحتاج ليس ليوفر الاقتصاد مزيداً من السيولة، بل تحتاج لمزيد من الانفتاح؛ انفتاحٌ يجعلها الأكثر مرونة ووصولاً مقارنةً ببقية الأسواق الناشئة الرئيسة ولاسيما في الصين والهند. هذه الخطوة ضرورية لكي تتماهى السوق المالية السعودية مع ما حققه الاقتصاد السعودي حتى الآن ضمن رؤية 2030 من تنوع في أنشطته حتى تجاوزت مساهمة الأنشطة غير النفطية حاجز 50 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وانفتاح من حيث تطوير الأنظمة واللوائح لتساير أفضل الممارسات العالمية، وتقدم في مؤشر التنافسية العالمي.

أما موجب هذا التناول فهو أن مؤشر ”تداول“ خسر 11 بالمائة منذ بداية العام، في حين - وبالمقابل - ارتفع مؤشر MSCI للأسواق الناشئة 32 بالمائة منذ بداية العام، ما يعني - بداهةً - أن الصناديق ومعها المستثمرين سينزحون حيثما المؤشر ”الأكثر اخضراراً“ ويبتعدوا عن المؤشر لا أقول الأكثر احمراراً بل الأكثر اصفراراً، فكما يقول المثل الخليجي ”الحي يحييك والميت يزيدك غبن.“ ولا سبيل لتجاوز أن ضعف أسعار البترول عامل يؤثر سلباً على أداء السوق، لكنه عاملٌ خارج سيطرة السوق، وديدنه التذبذب لسنواتٍ وسنوات، وهو بطبيعته يخضع لمعطيات عالمية للحد البعيد. أما ما هو ضمن سيطرة السوق:

- إزالة معوقات ملكية الأجانب في أسهم الشركات المدرجة «مع تقييدات للشركات الحساسة استراتيجياً».

- تخفيف متطلبات الترخيص للصناديق بما يجعل المتطلبات متسقة ومنافساً لما هو معمول به في الأسواق الناشئة الرئيسة.

- السعي حثيثاً - من خلال حوافز تشجيعية - لطرح المزيد من الشركات العائلية العملاقة عالية الربحية، أخذاً في الاعتبار أن ثقل «66 بالمائة وفق تقدير KPMG» القطاع الخاص غير النفطي هو الشركات العائلية، وذات الأمر ينطبق على خصخصة الشركات الحكومية أو طرح حصص اضافية مما هو مدرج حالياً في السوق، فذلك سيحدث تنوعاً مطلوباً ومفتقداً في سوقٍ معظم وزنها يأتي من شركات الطاقة والمواد «بما في ذلك البتروكيماويات السلعية».

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى