مرافقنا الخدمية العامة وتخريبها بأيدينا
القطيف موطن الحضارة، بلد العلم والثقافة، وشرعنا يحرم الاعتداء على الأملاك خاصة كانت أو عامة، والقانون يجرِّم من يعبث بها. وقد بذلت حكومتنا الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وبمتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية ونائبه، حفظهم الله، أموالًا وجهودًا حثيثة متواصلة لراحة المواطن، منها إنشاء المرافق الخدمية في الأسواق والشواطئ والمتنزهات، وحرصت على استمرار أدائها بتأمين العمالة الكافية لتنظيفها وصيانتها متى احتاجت. ونحن جميعًا نلمس ذلك، فمن الواجب الديني علينا، والأخلاقي، وللمصلحة العامة، ومن باب الوفاء، يلزمنا المحافظة عليها. ولنتذكر أنه كما أن هناك جنودًا يحرسون حدودنا يمنعون المعتدين، وآخرون يسهرون على أمننا، فليكن هنا كل واحد منا جنديًا مدنيًا، حارسًا ساهرًا لحماية هذه المرافق. ولكن، للأسف، بدلًا من ذلك امتدت لها أيدي عابثين مخربين مستهترين بها، فمزقتها أشلاءً:
أ - دورات المياه: تشويه الجدران والممرات، تكسير وسرقة أنابيب ولمبات، خلع نوافذ وأبواب، تحطيم زجاج، وسد مجارٍ عمدًا، بعضها من رجال فضلًا عن مراهقينَ.
ب - الساحات العامة والشواطئ: تراكم الأوساخ من المتنزهين، ترك فضلاتهم وعدم وضعها في المكان المخصص، ينتج عنها انبعاث الروائح الكريهة إلى أن تبحث فلا تجد مكانًا يصلح للجلوس.
ج - في الأحياء السكنية أمام البيوت، مع وجود حاويات للقمامة؛ النفايات تُلقى خارجها، فيتناثر ما بها يمينًا وشمالًا، يتسابق الجار على التخلص منها بوضعها عند بيت جاره، والآخر بالمثل، إلى أن تتولد بينهما العداوة. أين النظافة من الإيمان؟ كيف نتحاشى ضررها؟
كل هذه التصرفات دون ضمير وشعور بالمسؤولية تسيء لنا وللوطن بأكمله، ولو تتبعنا الفاعلين لوجدناهم ممن عليهم المعول في حمايتها. إذًا، ماذا بقي من لوم على غيرهم؟ نخرب بيوتنا بأيدينا، نضرب ظهورنا بسياطنا، لنضحك الآخرين علينا. لهذا أتساءل:
أولًا: هل هذه أعمال ترضي الله تعالى، ويُقرها العقلاء، وتناسب الذوق، وتعطي طابعًا حسنًا عن بلدنا الذي أصبح وجهة سياحية لمرتاديه من مختلف المناطق والجنسيات؟
ثانيًا: من يلقي باللائمة على البلدية بأنها لم تفعل شيئًا ولم تقم بواجبها، مقصرة في الكثير، وعلى افتراض أن هذا صحيح، فذلك غير مبرر إطلاقًا لما يُفعل. والصحيح الواجب أن نحافظ على القائم ونطالب بالناقص. ”إذا كنا في حاجة لمرفقين، وعندنا أحدهما، أيهما الأصلح: نحافظ عليه ونطالب بالثاني، أم ندمره ونبقى بدون؟“ عقلنا يرشدنا إلى حماية الموجود وانتظار المفقود. نحن أصحاب عوائل، وليس كلنا لديه خادم وخادمة في بيته، فهل نترك الفضلات تتراكم ونأكل ونشرب بينها؟ ألا نخجل ممن يدخل علينا ويرآها بهذه الحالة؟ لماذا نعجز عن خدمة أنفسنا في الخارج، بأن لا نجعل من أماكن راحتنا قاذورات ننتظر من يجمعها؟ أَنستكثر أن نصطحب، ضمن ما نحمل، أكياسًا نجمع فيها ما فضل، إن بَعُد عنا مكبها؟
ثالثًا: كورنيش القطيف لأهل القطيف، فائدتهم منه أكثر من غيرهم. أنت تقوم من المكان وأنا أجلسه، والعكس. لو كلنا ترك مكانه نظيفًا، استراح وأراح، وأينما جاء أقام.
أناشد وألتمس وأرجو:
«1» العلماء في المساجد، والخطباء من على المنابر، والمعلمين في المدارس، والآباء في البيوت، أن يُبصروا بأهمية الحفاظ على هذه الخدمات، وحرمة وخطر وعواقب تدميرها، ليستفيد منها الجميع جيلًا بعد جيل، وتكون مقصدًا سياحيًا تعكس مستوى وعينا الحضاري عند الزائرين، ووقتها يحق لنا المطالبة بتحسينها وزيادتها.
«2» ونداء آخر للإخوة الأعزاء أن يحرصوا على الاعتناء بها قبل أن نفسدها، وتولد الأمراض، وحينها لا نجد متنفسًا، ويعيبنا من يأتينا.
«3» بالمقابل، توجيه إلى بلدية المحافظة، مع التقدير والتحية والاحترام، أن تواصل تلبية احتياجات الكورنيش والحدائق وأماكن الاستراحة، بتوفير غير المتوافر فيها، وأهمها دورات المياه، بسرعة تنفيذها، ومضاعفة صيانة القائم منها، ولهم الشكر على ذلك.













