هلوسات فارس وأخطاء التوثيق.. المونودراما يواجه الواقع بالنقد الجريء
شهدت فعاليات اليوم الثالث لمهرجان المونودراما الأول، الذي تنفذه جمعية الثقافة والفنون بالدمام، حراكاً نقدياً وفنياً مكثفاً ركز على تشريح القضايا الوجودية للشباب السعودي، ومراجعة تاريخ المسرح المحلي، وسط حضور لافت للمسرحيين والمهتمين بفن ”الصوت الواحد“.
وشكلت العروض المسرحية جسراً حياً بين النص والمتلقي، حيث تصدرت قضايا ”المبدع الشاب“ المشهد عبر عرض فرقة الرياض ”هلوسات فارس“، الذي قدم مقاربة إنسانية لشاب يحاول التوازن بين ضغوط الواقع الاقتصادي وأحلامه المؤجلة في تكوين أسرة.
وأجمع النقاد على أن شخصية ”فارس“ جسدت ببراعة معاناة شريحة واسعة من الشباب العالقين بين الطموح والقيود، حيث وظف المخرج يوسف الحربي الموسيقى والإضاءة لتحويل صدى صوت البطل في القاعة الفارغة إلى رمزية قاسية للشعور بالتهميش.
في المقابل، طرح عرض ”البياض“ لفنون جدة تساؤلات فلسفية عميقة حول صراع الفنان مع ”اللوحة البيضاء“، حيث أكد المؤلف يحيى العلكمي أن العمل يوجه رسالة أمل للمبدعين بأن اليأس ليس خياراً، منهياً العرض بـ ”بقعة ضوء“ تخترق السواد.
وعلى الصعيد الفكري، فجّرت الندوة المصاحبة بعنوان ”الممثل الواحد“ ملفات شائكة حول تاريخ المسرح السعودي، حيث استعاد عبدالعزيز الصقعبي ذكريات عرض ”صفعة في المرآة“ عام 1983 م، واصفاً إياها بالمغامرة التي أسست لهذا الفن في المملكة.
واجه الناقد علي السعيد الحضور بحقيقة ”غياب التوثيق الدقيق“ للحركة المسرحية، كاشفاً عن وجود أخطاء تاريخية وتضارب في معلومات الكتب المتداولة حول مفاهيم الأسبقية والريادة للأعمال المسرحية السعودية.
وشدد السعيد على أن التوثيق العلمي الدقيق بات ضرورة ملحة وليس ترفاً، مطالباً بتحديث شامل للبيانات لضمان حفظ الحقوق التاريخية والفنية للأعمال الرائدة وتصحيح المغالطات الشائعة.
واختتمت الندوة برؤية المتحدثة كلثوم أمين حول حرية الممثل في المونودراما، مؤكدة أن نجاح العرض مرهون بقدرة المؤدي على كسر الحاجز مع الجمهور ومخاطبته مباشرة دون وسطاء، لتحويله إلى شريك في الخيال المسرحي.



















