يسيطر على 30% من مطابخ العالم.. «الزيت النباتي» يهدد الكبد ويراكم الدهون
فجرت دراسة طبية حديثة نُشرت في ”مجلة أبحاث الدهون“ مفاجأة علمية صادمة بربطها بين استهلاك زيت فول الصويا، الذي يعد الزيت الأكثر استخداماً عالمياً، وبين زيادة معدلات الإصابة بالسمنة والأمراض الأيضية.
يأتي ذلك على الرغم من الاعتقاد الشائع بفوائده لصحة القلب، مما يضع المستهلكين أمام معضلة صحية جديدة تتطلب إعادة النظر في أنظمتهم الغذائية.
كشفت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد عن الآلية الجينية التي يتسبب بها هذا الزيت في زيادة الوزن، حيث أثبتت التجارب أن الإفراط في تناوله يؤثر سلباً على بروتين الكبد HNF4α المسؤول عن تنظيم وظائف الكبد والبنكرياس، مما يؤدي إلى خلل في التمثيل الغذائي وتراكم الدهون.
يستحوذ زيت فول الصويا على حصة سوقية ضخمة تبلغ 57% من زيوت الطهي في الولايات المتحدة و 30% من الاستهلاك العالمي، وغالباً ما يتم تسويقه تحت مسمى ”زيت نباتي“ غامض، مما يجعله مكوناً خفياً في معظم الأطعمة المصنعة والوجبات السريعة والمطابخ المنزلية.
أظهرت النتائج المعملية أن الفئران المعدلة وراثياً لتحييد تأثير الزيت على البروتين الكبدي اكتسبت وزناً أقل بكثير مقارنة بالفئران العادية التي تناولت نفس النظام الغذائي الغني بالزيت، مما يثبت وجود مسار جزيئي محدد يربط بين مكونات الصويا والسمنة.
يحتوي هذا الزيت على نسب مرتفعة جداً من حمض ”اللينوليك“ ”أوميغا 6“، والذي يشكل أكثر من نصف تركيبته، وهو المكون الذي حذر الباحثون من خطورة تراكمه في الجسم نتيجة الاستهلاك المفرط الذي يتجاوز الحاجة الطبيعية بمراحل.
حذرت الدراسة من أن القائمة المحتملة للأضرار لا تقف عند السمنة فحسب، بل تمتد لتشمل زيادة احتمالات الإصابة بالسكري من النوع الثاني، والتهاب القولون التقرحي، والخرف، والتهاب الأعصاب، وهو ما يناقض دراسات سابقة كانت قد روجت لفوائده في خفض الكوليسترول.
نصحت الدكتورة سونيا ديول، المشرفة على البحث، بضرورة تقنين استهلاك حمض اللينوليك بحيث لا يتجاوز 2 إلى 3% فقط من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، مشيرة إلى أن الكميات القليلة آمنة، ولكن الخطر يكمن في ”الجرعات الخفية“ الموجودة في الأطعمة الجاهزة.
يرى مراقبون أن المشكلة تتفاقم بسبب عمليات التصنيع، حيث أوضحت أخصائية التغذية مونيك ريتشارد أن معظم الزيوت المستخدمة ”مكررة بدرجة عالية“، مما يفقدها مضادات الأكسدة ويغير تركيبتها الغذائية لتصبح أقل قيمة وأكثر ضرراً.
دعا الدكتور مير علي، جراح السمنة، إلى التريث قبل تعميم النتائج، مؤكداً الحاجة الماسة لإجراء تجارب سريرية موسعة على البشر للتأكد من تطابق هذه الآليات الجزيئية، لاسيما وأن الدراسة الحالية اعتمدت على نماذج حيوانية.
تفتح هذه النتائج الباب واسعاً أمام تطوير استراتيجيات وقائية وعلاجية جديدة للأمراض الأيضية، من خلال فهم كيفية تفاعل الدهون الغذائية مع الجينات البشرية، مما قد يغير خريطة التوصيات الغذائية العالمية في المستقبل القريب.













