عباس الحايك يعري تسلط المدراء وينتقد هشاشة النصوص في «مونو دراما الدمام»
شهدت خشبة مهرجان المونو دراما بالدمام، الذي تنظمه جمعية الثقافة والفنون، حالة من التفاعل الجماهيري والنقدي اللافت مع عرض مسرحية ”حكاية موظف“ للكاتب المسرحي عباس الحايك، التي غاصت في أعماق النفس البشرية لتكشف العلاقة الشائكة والمسمومة بين الرئيس ومرؤوسه، مسلطة الضوء على الآثار النفسية المدمرة لبيئات العمل الضاغطة.
تتناول المسرحية بجرأة فنية قضية السلطة المطلقة للمدير المزاجي، وكيف يتحول الموظف البسيط إلى كائن يعيش حالة من العجز وعدم القدرة على التمرد أو المصارحة، مما يدفعه للدخول في دوامة نفسية معقدة تتجاوز أسوار المكتب لتلاحقه في تفاصيل حياته اليومية.
أشار الحايك إلى أن النص يلامس شريحة واسعة من المجتمع، مستنداً إلى حقيقة أن نسبة كبيرة من رواد العيادات النفسية هم في الأساس موظفون يعانون من ضغوط عملية هائلة، مما يجعل العمل المسرحي وثيقة إنسانية حية تحاكي واقعاً معاشاً بمرارة.
وفي تحول فني لافت، تم تحويل لغة النص من العربية الفصحى إلى اللهجة المحكية، في خطوة هدفت إلى كسر الحواجز مع الجمهور ومنح الممثل مساحة أوسع للارتجال وخلق مفارقات كوميدية سوداء تخفف من وطأة التراجيديا النفسية التي يعيشها البطل.
نجح المخرج سلام السنان في تقديم ترجمة بصرية دقيقة للنص، مستغلاً إمكانيات الممثل ناصر عبدالواحد الذي أظهر براعة في التنقل بين الحالات الشعورية المتناقضة، مما جعل العرض متماسكاً إيقاعياً وقادراً على إيصال رسالته العميقة بأسلوب يجمع بين الإمتاع والمؤازرة النفسية.
وعلى صعيد موازٍ ضمن فعاليات المهرجان، قدم الحايك رؤية نقدية صريحة خلال الندوة التطبيقية لمسرحية ”تذكر ذخير الإنسان الأخيرة“، مشيراً إلى أن إشكالية العرض الرئيسية تمثلت في النص الذي بدا متشظياً وغير واضح المعالم في خطابه الموجه للجمهور.
أوضح الناقد أن النص ظهر كأنه ومضات متفرقة وليس بناءً درامياً متكاملاً، مما شكل عبئاً ثقيلاً على الممثل مساعد الزهراني، الذي رغم خبرته الطويلة، وجد نفسه يصارع نصاً لم يقدم له الأرضية الصلبة للإبداع.
أشاد الحايك بالحلول البصرية التي قدمها العرض، مؤكداً أن السينوغرافيا والإضاءة كانت البطل الحقيقي الذي أنقذ الموقف، في حين بقي النص عائقاً أمام اكتمال التجربة المسرحية ووصولها للمتلقي بالشكل المأمول.
































