«أجنة الثلاجة».. عرض فلسفي يصدم جمهور «مونودراما» بأسلوب «البرود القصدي»
فجّر العرض المسرحي ”أجنة الثلاجة“ لفرقة الكرمل للإنتاج الفني، أسئلة وجودية عميقة خلال مشاركته في مهرجان المونودراما الأول بمدينة الدمام، حيث قدم المخرج علي آل غزوي رؤية بصرية تعتمد على الرمزيات المكثفة وسينوغرافيا تخدم تسلسل الأحداث المتقن.
ونجحت الفنانة آمال الرمضان في خطف أنظار الجمهور والنقاد عبر تجسيدها للشخصية المحورية بحرفية عالية، معتمدة على ثقافة مسرحية واسعة مكنتها من كسر النمطية التقليدية في الأداء، والانغماس في نص يميل إلى الشاعرية والجرأة الفلسفية.
وأشاد رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، عبدالعزيز السماعيل، بجرأة الطرح الفني، مبدياً إعجابه الشديد بانتهاج الممثلة أسلوب ”الرتابة والبرود القصدي“ في التمثيل، معتبراً إياه مدرسة أدائية غير معتادة في المسرح المحلي منحت العرض حالة فريدة من التجلي.
وشدد السماعيل على ضرورة ألا يتوقف هذا العرض عند محطته الأولى، مطالباً باستمرار مشاركته في مختلف التظاهرات المسرحية، نظراً لما قدمه آل غزوي وفريق عمله من تجربة بصرية وفكرية تستحق أن تخلد في ذاكرة المسرح السعودي.
وفي الندوة التطبيقية التي أدارها الفنان أحمد الجشي، تغزل الدكتور عايض البقمي بالنص المسرحي الذي كتبه المخرج نفسه، مشيداً بالتكامل الفني بين الكتابة والإخراج، مما خلق إيقاعاً متزناً للعرض المونودرامي الصعب بطبيعته.
وركز المخرج عبدالعزيز العسيري في قراءته للعرض على لغة الجسد والميزانسين، موضحاً أن تحريك الممثلة بخطوط عمودية ومستقيمة في أجزاء محددة من العرض كان حالة إخراجية ذكية تماهت تماماً مع الفكرة الفلسفية للنص وعززت من عزلته وشاعريته.
وأثار العرض تساؤلات نقدية عميقة، حيث تساءلت الدكتورة ندى الغامدي عن المرجعية التي استند إليها المؤلف في الغوص بتفاصيل قضايا المرأة بهذا العمق الدقيق، مبدية دهشتها من قدرة كاتب رجل على ملامسة وجدان الأنثى بهذه الحساسية المفرطة.
ودعا الفنان مساعد الزهراني الحضور إلى تقدير الطاقة الإبداعية الهائلة التي بذلتها الممثلة آمال الرمضان، مشيراً إلى حالة التجلي الروحي والفني التي وصلت إليها أثناء تأدية الدور، مما جعلها تحمل العرض بالكامل على عاتقها باقتدار.
ورد المخرج علي آل غزوي على المداخلات بتوضيح مقصده الفني، مبيناً أن العمل ورغم قراءته المباشرة كقضية اجتماعية، إلا أنه يحمل طبقات رمزية أعمق تتعلق بمفاهيم ”الأجنة المجهضة“ و”العروس المغتصبة“ ورمزية ”برودة الثلاجة“.
وأكد آل غزوي أن هدفه الرئيس من العرض لم يكن تقديم إجابات جاهزة للمتلقي، بل كان سعياً متعمداً لتحريض العقل على طرح الأسئلة والبحث في ما وراء الصورة النمطية للأحداث اليومية.
ويُعد آل غزوي من الأسماء البارزة في المشهد المسرحي، حيث يمتلك رصيداً ضخماً من الأعمال الناجحة مثل ”النائمون“ و”رماد“ و”سمكة تموت واقفة“، إضافة إلى إصداره الأدبي ”جنيتي الزرقاء“، وتاريخ حافل بالجوائز والورش التدريبية التي صقلت تجربته.



























