البيت الذي فتح نافذته على التاريخ
عندما وضعت نية شراء بيت يطل على البحر، كنت أظن أن الرحلة ستأخذ شهورًا. لكن ما حدث كان واحدًا من أجمل أشكال اليسر في حياتي؛ ذلك اليسر الذي يشعر به الإنسان حين تتقدم الأشياء نحوه دون مقاومة. في شهر واحد فقط اكتمل كل شيء. بيت في منطقة هادئة، يفصل بيني وبين البحر شارع رئيسي، وكأن الحياة تقول: هذا مكانك.. ادخليه بسلام.
ورغم جمال الموقع، لم أسلم من التعليقات:
بعيد. آخر الدينا. وإذا جيناك كأننا مسافرين. كنت أبتسم، يقينًا بأنهم يرون المكان بعيونهم.. وأنا أراه بقلبي. أراه بما يمنحه لي من سكينة، وما يفتحه من نافذة على الحياة.
ثم جاء ذلك الصباح.. الصباح الذي غيّر معنى المكان كله. وأنا أعبر الطريق الرئيسي وفي طريقي للعمل رأيت سيارات كثيرة غير معتادة، حركة منظمة، وإيقاعًا يوحي بأن حدثًا كبيرًا يمر من هنا. لم أكن أعلم حينها أن قصر العزيزية - الذي لا يفصلني عنه سوى شارع - سيكون على موعد مع زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «حفظه الله» وأنه قصر مرّ عبره ملوك ووزراء وضيوف بحجم دول. في تلك اللحظة بدا لي أن المكان يبوح بسرّه: لم يكن بعيدًا كما ظنه البعض، بل كان قريبًا من القلب.. ومن التاريخ.
ذلك اليوم كانت العزيزية مبتهجة كما لم أرها من قبل. بدا وكأن المنطقة كلها ترتدي ضوءًا جديدًا. حضور ولي العهد، بما يحمله من رؤية كبرى ومشروع يغيّر ملامح السعودية، جعل الشرقية تنبض بفخر جماعي؛ ذلك النوع من السعادة الذي تشير الدراسات العلمية إلى أنه من أقوى محفزات المعنى والبهجة طويلة الأمد.
شعرت أن الفرح عمّ الشرقية كلها..
ليس لأنها استقبلت شخصية قيادية فحسب، بل لأنها أصبحت جزءًا من التاريخ. جزءًا من مشهد يُكتب الآن..
ابتسمت وأنا أسترجع كل الأحاديث؛ فكل من قال إن المكان بعيد، لم يعرف أن المسافة تفقد معناها حين يمرّ الضوء من هنا. ربما لم أكن أنا من اختار هذا البيت.. ربما هو الذي اختارني. اختار أن أكون شاهدة على يوم أعلنت فيه الشرقية بهجتها، وفتحت قلبها للفخر، وقالت: هنا.. يحدث شيء جميل.
ولأن الشعر يعبر عن جمال المشهد، أتذكر بيت المستشار تركي آل الشيخ، كما غناه الرائع راشد الماجد:
تبتسم لك يا محمد - كل يوم
أرضك.. وتنبت صياهدها خضار
حفظ الله سمو ولي العهد وسدد خطاه.













