آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:57 ص

محدودية اهتمام الإعلام بذوي ”طيف التوحد“!

حسن المصطفى * ‏صحيفة البلاد البحرينية

”الاهتمام الإعلامي بذوي الاحتياجات الخاصة انخفض كثيرًا عما كان عليه.. حتى مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة لم نعد نسمع عنها أو منها؛ ربما هي تعمل لكن نحتاج سماع صوتها“. هذه الرسالة وصلتني من النائب الأول لرئيس ”مجلس الشورى“ البحريني جمال فخرو، تعليقاً على مقالي ”شراكة مؤسسية تمهد لدمج أوسع لذوي التوحد في الاقتصاد“.

ما كتبه الصديق العزيز الأستاذ جمال، ليس ملاحظة عابرة، بل يعد تشخيصا سليما لاختلال قائم، يظهر محدودية الاهتمام بموضوعات ”التوحد“ واضطراب ”فرط الحركة وتشتت الانتباه“ في الإعلام الخليجي بشكل عام، رغم أن هناك ارتفاعا في نسب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وبالتالي ضرورة أن يكون هناك وعي مجتمعي واسع بمعنى هذه الزيادة وأسبابها وكيفية التعامل معها، وأفضل الأساليب الحديثة في التعليم وتطوير المهارات والحد من الصعوبات التي تواجه هؤلاء الأطفال وأسرهم. وتُظهر بيانات منشورة في الولايات المتحدة الأميركية أن انتشار ”طيف التوحد“ بين الأطفال في سن الثامنة ارتفع من نحو 1 لكل 150 طفلًا في أول مسح عام 2000، إلى 1 لكل 31 طفلًا «3.2 %» في بيانات 2022. وفي ذات السياق تكشف مراجعة منهجية حديثة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن نطاق واسع للانتشار يتراوح بين 0.01 % و 2.51 % لدول ”مجلس التعاون الخليجي“، ما يعني أن المنطقة أمام ملف متنامٍ لا يمكن التعامل معه بآليات إعلامية تقليدية أو موسمية احتفالية، بل لابد من عمل صحافي احترافي يقوم على البحث والتقصي وبناء ملفات متكاملة منهجياً، بعيدًا عن التبسيط والإسفاف المنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي.

إن أولوية الإعلام في دول الخليج العربي ليست مجرد تغطية قضايا إنسانية بأسلوب يستدرج التعاطف، بل تكوين إدراكٍ متطور حول ”طيف التوحد“ و”فرط الحركة وتشتت الانتباه“ يركز على رصد الأرقام المحلية المحدثة وتحليلها، وقراءة نقدية للسياسات التعليمية والعلاجية، ومتابعة لنتائج البرامج القائمة، وتوفير مساحة لأصوات الأسر والمتخصصين، ورفع وعي المجتمع بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة؛ لأنه من دون ذلك، ستبقى الفجوة التي أشار إليها الأستاذ جمال فخرو قائمة بين الواقع الصعب وما يراه الرأي العام.