آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 1:28 م

«النافذة الذهبية».. دراسة تحدد عامين حاسمين لإنقاذ البشرية من طوفان السكري

جهات الإخبارية

كشفت دراسة علمية حديثة عن وجود ”نافذة زمنية ذهبية“ تمتد لعامين فقط بعد تشخيص مرحلة ”ما قبل السكري“، تمنح المرضى أعلى فرص للسيطرة على حالتهم الصحية ومنع تطورها إلى داء السكري من النوع الثاني، مما يفتح باب الأمل لملايين البشر لتجنب مرض مزمن يعد من الأسباب الرئيسية للوفاة والإعاقة عالمياً.

ودققت الأوساط الطبية ناقوس الخطر استناداً إلى إحصاءات عالمية مقلقة، حيث سجل عام 2021 نحو 529 مليون مصاب بالسكري حول العالم، وسط توقعات قاتمة بارتفاع هذا الرقم ليصل إلى كارثة صحية تمس 1.31 مليار إنسان بحلول عام 2050 إذا لم تتخذ إجراءات وقائية عاجلة.

وأرجعت البيانات الطبية 96% من حالات الإصابة المسجلة إلى السكري من النوع الثاني، الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بعوامل نمط الحياة غير الصحية، وفي مقدمتها السمنة المفرطة، وسوء التغذية، وانعدام النشاط البدني، مما يجعله مرضاً يمكن تجنبه بتغيير السلوكيات.

وأفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة بأن ثلث البالغين يعانون بالفعل من مقدمات السكري، وهي مرحلة خادعة ترتفع فيها مستويات السكر دون الوصول للحد المرضي، متوقعة انزلاق ثلث هؤلاء إلى دائرة المرض المزمن خلال سنوات قليلة إذا أهملوا العلاج.

وأثبتت دراسة هندية متخصصة، نُشرت في مجلة ”السكري والاضطرابات الأيضية“، أن التدخل العلاجي وتعديل السلوك خلال ال 24 شهراً الأولى من اكتشاف مقدمات السكري يرفع نسب النجاة من المرض بشكل هائل، مقارنة بمن يتراخى في التعامل مع الحالة.

وعقّب الطبيب البريطاني جاك أوغدن، المتخصص في رعاية مرضى السكري، على النتائج مشيداً بقوة التحليل الذي استند لبيانات امتدت لعشر سنوات، مع التنويه إلى ضرورة مراعاة الفوارق الثقافية والغذائية بين الشعوب عند تعميم النتائج، رغم الاتفاق الكلي على مبدأ ”التدخل المبكر“.

ونبه الخبراء إلى خطورة مرحلة ما قبل السكري لكونها غالباً ما تكون ”صامتة“ وبلا أعراض صارخة، إلا أنها قد ترسل إشارات خفية مثل الإرهاق المستمر، وزيادة الشهية غير المبررة، واضطرابات الوزن، وتشوش الرؤية، إضافة إلى بطء التئام الجروح.

وأوضح أوغدن أن المعيار الذهبي للتشخيص يكمن في تحليل ”الهيموغلوبين السكري“ ”التراكمي“، الذي يقدم صورة دقيقة لمتوسط مستوى السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة السابقة، ويحدد بدقة موقع المريض سواء في المنطقة الآمنة أو دائرة الخطر.

وخلصت الدراسة إلى نتيجة جوهرية مفادها أن السيطرة المبكرة هي حجر الزاوية في الوقاية، حيث يمكن للتدخل في السنوات الأولى أن يقطع الطريق على المرض قبل تحوله لحالة مزمنة تدمر القلب والأعصاب والكلى وتستنزف صحة الإنسان.

وعززت دراسات مساندة هذا التوجه بتأكيدها أن تغييرات نمط الحياة الجادة قادرة على تأجيل أو منع خطر الإصابة بالسكري لفترات طويلة قد تمتد ما بين 10 إلى 15 عاماً، مما يجعل الوقاية خياراً استراتيجياً مستداماً وليس مجرد حل مؤقت.

واختتم أوغدن تحليله بتحذير شديد اللهجة من أن إهمال فترة ”ما قبل السكري“ يضاعف المخاطر الصحية، مشدداً على أن العامين الأولين هما الفترة الأكثر حساسية وفاعلية، وأن أي تأجيل يحول الحالة من ”إنذار قابل للإطفاء“ إلى ”حريق مزمن“ يصعب إخماده.