آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 1:28 م

رسالة

يسرى الزاير

ليس كل ما في الخلد يباح وليس البوح كله شفيفاً ولا الكلمة العارية للعقول الخاوية وأصله.

ولكن تبقى الكلمة الهادفة رسالة مرسلة والفكرة السديدة وصية وأصله وإن طال الوقت، ولربما تتوه في فضاءات ضبابية المبادئ مختلة القيم والأخلاق متعثرة الخطوات نحو الحقائق الجلية للوجود وكيان الإنسان.

استيقظت صباحا، وقد سيطرت علي فكرة جنونية تساؤل ملح عكر مزاجي.

هل نحن بخير؟

نحن بنو الإنسان أما زلنا بكامل خصائصنا الإنسانية أم عدنا إلى فطرتنا الأولى للحقب الغابرة مجرد كائنات بشرية في العصور الحجريّة تعيش على مبدأ البقاء للأقوى.

بالطبع أنا مخطئة فلا مجال نهائيا للمقارنة، فأولئك كان صراعهم الأجل البقاء مع الطبيعة الشرسة من حولهم نظامهم المجتمعي البسيط قائم على حماية النفس والأسرة من الوحوش الضارية وقسوة البيئة.

أما اليوم من قلب التحضر، ومن عمق العلم والثقافة والتطور برز التحجر الإنساني والانعزالية الاجتماعية لدى الكثير من الناس كل يعاني بطريقة أو بأخرى نوع من الضبابية في الرؤية وصعوبة في التناغم مع الواقع الاجتماعي الجديد الذي نهشت قلبه المتغيرات، ودبت في أوصاله المتناقضات، فبات الفرد يلهث خلف ذاته الحائرة بين حقيقتها والعالم الافتراضي.

تقريباً أصبحت الفرضيات متسيدة المشهد الحياتي، وقد غيبت الكثير من الحقائق على رأسها الاستثمار الصحي النفسي في الترابط الأسري والتواصل الاجتماعي الواضح السليم والصداقات الاجتماعية الطبيعية.

فمثلاً أصبح من الطبيعي اقتناء حيوان تكلف رعايته وتغذيته مبالغ من المال هذا غير رفاهيته وتدليله الذي يكلّف ثروة.

في حين لا يكلف صاحب الحيوان نفسه العطف والشفقة وإنفاق اليسير من المال لمساعدة أقرب الناس له أو إنسان فقير.

وقد أصبحت الكثير من البيوت مغلقة على أصحابها لا يدخلها ضيف صديق ولا حتى ذو صلة رحم أو قريب.

خطوة خطوة أمسينا في مهبّ الضياع، نجدنا في عزّ جمعات أنسنا شتات كل غارق في جهازه المحمول بيديه تغزو بصيرته مشاهد وحشية أو سوقية أو مخلة، وفي أحسن الأحوال مواضيع قيمة، غير أنها مبتورة من غايتها ومعناها....

كلها مسوقة بعناية وإتقان عبر مقاطع سريعة ماهرة في تجميد مشاعره والعبث بعقله والأكثر إيلاماً سرقته من ذاته وكل ما حوله.

أما المصيبة الكبرى فهي لا شك في إدمان الأطفال للأجهزة المحمولة وإدمانهم عليها، والتي بكل تأكيد تسلخهم عن طفولتهم والواقع من حوّلهم، فتموت البرآة وتضمحل العواطف ليكبروا بعقول خاوية وأحاسيس متبلدة بالتالي أنفس جوفاء.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
جهاد الهاشم
[ سيهات ]: 24 / 11 / 2025م - 7:18 م
أتفق تماما بما جاء في ذلك المقال الرائع فالأمر يحتاج تدبر من جميع الآباء والأمهات تجاه الأبناء شكرا لقلمك الهادف أختي يسرى وبارك الله الجهود