آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:57 ص

ماذا تعرف عن عدم تحمّل الفركتوز الوراثي؟

الدكتور حجي إبراهيم الزويد * مقال مترجم

بالنسبة لمعظم الناس، يُعدّ تناول تشكيلة واسعة من الفواكه والخضروات أساس النظام الغذائي الصحي.

لكن بالنسبة لمن يعانون من عدم تحمّل الفركتوز الوراثي «Hereditary Fructose Intolerance»، فإن مجرد قضمة من البطيخ أو قطعة صغيرة من الطماطم المجففة يمكن أن تسبب مشكلات صحية خطيرة.

هذا الاضطراب النادر ليس حساسية طعام ولا ”تحسسًا“ عادياً، لكنه يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يُكتشف ويُدار بالشكل الصحيح.

ما هو عدم تحمّل الفركتوز الوراثي؟

هو اضطراب جيني نادر يؤثر في قدرة الجسم على التعامل مع سكر الفركتوز، وهو نوع من السكريات يوجد في:

• الفواكه والعسل وبعض الخضروات،

• المشروبات المحلّاة والأطعمة المعلبة «مثل الكعك والبسكويت والصلصات وبعض أنواع الخبز»،

• وحتى في بعض اللحوم المصنعة «كالنقانق واللحوم الباردة» ومنتجات الألبان «مثل الحليب بالشوكولاتة».

كما يحتوي السكروز «سكر المائدة» والسوربيتول «الموجود في العلكة ومعاجين الأسنان وبعض الأدوية» على الفركتوز أو يتحول إليه أثناء الهضم، لذلك فإن الأشخاص المصابين بهذه الحالة غير قادرين على تحمّل هذه السكريات أيضًا.

السبب هو غياب إنزيم أساسي يُسمى Aldolase B, وهو المسؤول عن تكسير الفركتوز، ومع غيابه، يتراكم الفركتوز في الكبد والكليتين والأمعاء، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل نوبات تشنجية أو غيبوبة أو حتى فشل كبدي وكلوي.

ما مدى شيوعها؟

يُعتبر هذا الاضطراب نادرًا جدًا، إذ يصيب شخصًا واحدًا تقريبًا من كل 10,000 شخص، ويُورّث عندما يحمل كل من الوالدين الجين المسبّب للحالة.

غالبًا ما تظهر الأعراض عند بدء الطفل تناول الأطعمة الصلبة التي تحتوي على الفركتوز، مثل الفواكه أو الأطعمة المحلّاة. وفي البالغين، قد تُخطئ التشخيصات لتُفسَّر على أنها اضطراب تخزين الجليكوجين أو التهاب كبدي متكرر أو حتى اضطراب في الأكل، مما يجعل الحالة غير مكتشفة لسنوات طويلة.

كيف تختلف عن الحساسية الغذائية؟

حساسية الطعام تتعلق برد فعل مناعي تجاه مادة غذائية «مثل بروتين الحليب»، وتسبب أعراضًا فورية ك الطفح، أو تورّم الفم، أو ضيق التنفس.

عدم تحمّل الفركتوز الوراثي لا يخص الجهاز المناعي، بل هو خلل جيني في التمثيل الغذائي؛ أي أنه ليس حساسية بل عجز في الهضم الخلوي للسكر.

كما يختلف عن سوء امتصاص الفركتوز «Fructose Malabsorption»، وهي حالة هضمية خفيفة يكون فيها الامتصاص غير كامل، وتسبب انتفاخًا وغازات وألمًا بطنيًا فقط.

الأعراض والعلامات المبكرة:

في الرضع والأطفال، تشمل الأعراض:

• التقيؤ

• النعاس أو العصبية الزائدة

• رفض الطعام

•بطء النمو أو فقدان الوزن.

بعض الأطفال قد يتجنبون الأطعمة الحلوة غريزيًا، مما يخفي الأعراض إلى مراحل لاحقة.

أما في البالغين، فقد تظهر الأعراض على شكل:

• آلام مزمنة في البطن

• تعب مستمر

• انخفاض غير مبرر في سكر الدم.

وقد يلاحظ الطبيب علامات مثل:

• تضخم الكبد

• نتائج كبدية غير طبيعية

• أو مؤشرات على الكبد الدهني.

يتم تأكيد التشخيص عبر الاختبارات الجينية أو اختبار تحمل السكر المتخصص؛ لكن كثيرًا من المرضى يصلون إلى التشخيص بعد سنوات من المعاناة والتجربة الذاتية مع الطعام.

كيف تعالج الحالة؟

لا يوجد علاج شافٍ حتى الآن، لكن يمكن علاج المرض بصرامة من خلال تجنب الفركتوز والسكروز والسوربيتول تمامًا؛ ويصبح قراءة الملصقات الغذائية عادة يومية ضرورية، لأن حتى الصلصات والأدوية ومعاجين الأسنان قد تحتوي على هذه السكريات.

الأطعمة الممنوعة:

• جميع الفواكه والعصائر ومنتجات الفاكهة.

• الحبوب المحلاة أو التي تحتوي على عسل أو دبس أو فواكه مجففة.

• الخضروات الحلوة مثل البازلاء والذرة والبنجر والبصل والبطاطا الحلوة والجزر والكوسة.

• الخبز المحلّى أو الجاهز.

• الحلويات والألبان المحلاة «ما عدا الزبادي الطبيعي غير المنكّه».

• اللحوم المعالجة أو المنقوعة بالصلصات أو السكر.

الأطعمة الآمنة نسبيًا:

• الحبوب الطبيعية مثل الأرز والمعكرونة والكينوا.

• اللحوم الطازجة غير المنقوعة أو المتبلة.

• الدواجن، الأسماك، البيض، التوفو والبقوليات غير المحلاة.

• الخضروات غير الحلوة مثل الخس، والخيار، والسبانخ، والبروكلي.

أهمية الوعي:

إذا لاحظت أن شخصًا يتجنب الفواكه أو يبدو عليه التعب بعد تناولها، فلا تفترض أنه ”انتقائي“ أو ”يتبع حمية غريبة“ — فقد يكون مصابًا بعدم تحمّل الفركتوز الوراثي.

الوعي بهذا الاضطراب النادر يساعد على التشخيص المبكر والدعم الغذائي المناسب، أما بالنسبة للوالدين، فإن رفض الطفل المفاجئ للأطعمة الحلوة، أو التقيؤ المتكرر، أو بطء النمو يمكن أن تكون علامات تحذيرية تستحق الفحص.

وللأطباء، فإن التفكير في هذا الاضطراب كأحد أسباب مشكلات الهضم الغامضة أو انخفاض سكر الدم أو اضطرابات الكبد قد يُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة المريض.

الخلاصة:

عدم تحمّل الفركتوز الوراثي حالة نادرة لكنها خطيرة إذا لم تُكتشف.

الوعي، والفحص الجيني، والالتزام بنظام غذائي خالٍ من الفركتوز يمكن أن يضمن حياة صحية وطبيعية للمصابين.

The Conversation - ”Yes, you can be intolerant to fruit and veg“

بقلم: Lauren Ball, Emily Burch, Mackenzie Derry

نُشر تحت رخصة المشاع الإبداعي «Creative Commons».
استشاري طب أطفال وحساسية