آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 1:28 م

باختصار أنها المعرفة!

أحمد منصور الخرمدي *

إن المعرفة التي تدور حول العلم والحكمة هي، بمفهومها الصحيح، اتساع إدراكنا للحقيقة الإلهية، معرفة الله سبحانه وتعالى بالمساحة المسموحة لنا، وللحواس العقلية التي نمتلكها، منها التفكر في صفات الخالق عز وجل، قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص: الآيات 1-4] والتفكر في آياته ومخلوقاته، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [الأنبياء: الآية 33] وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران: الآية 191] وفي قدراته العظيمة، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ [المؤمنون: الآية 80].

وهي ”أفضل العبادة“ كما ورد عن إمامنا الصادق - الأصول من الكافي [ج 2 ص 55].

فالإنسان يصبح أكثر قدرة ونضجًا كلما زاد وعيه وفهمه. من هنا تتجاوز المعرفة لديه حدود الفهم المألوف إلى حدود ”الحكمة“، وهي من أعلى الدرجات وأثمنها. وقد ورد كذلك عن الإمام الصادق أنه قال: «الحكمة ضياء المعرفة وميراث التقوى، وثمرة الصدق» تفسير ابن كثير [ج 2 ص 215].

عُرفت الحكمة بأنها: المعرفة الكاملة بجميع ما يمكن أن يُعرف لتدبير الحياة، وحفظ الصحة، واختراع وابتكار الصناعات بما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع. والمعرفة، توضيحًا وإشارة، ليست كتابًا نقرأه فحسب، ولا درسًا نحفظه؛ هي بدايةً بوابة لفهم الذات، وهي تجربة نعيشها. وكلما اتسع إدراكنا للحقيقة المعنية ”معرفة الله جل جلاله“ وجمال الحياة وقسوتها، والحكمة شعلة تضيء، تمنحنا حياة مليئة بالبصيرة والوعي الدائمين. فالجهل يخلق خوفًا يعزل الإنسان عن العالم من حوله، إلا أن المعرفة المبنية على أسس العلم والحكمة تخلق ثقة تمهّد لنا الطريق نحو مستقبل زاهر وطموحًا بناءً مثمرًا.