مجلس العلامة الفضلي: مدرسةٌ في العطاء وحضورٌ في الذاكرة
بين الفينة والأخرى، ألتقي بأصدقاء توثّقت العلاقة معهم أثناء زياراتنا المتكرّرة لمجلس الدكتور عبد الهادي الفضلي «ره» «ت 1434هـ»، وفي هذه اللقاءات يتذكّر كلٌّ منّا مجلسه، بكلّ حنين وذكرى طيّبة، وذلك لما يحمله كلٌّ منا في ذاكرته من لحظات كنّا نجلس فيها مستمعين إلى إجابات الدكتور «ره» وتعليقاته وذكرياته حول مجموعة من الأحداث والمواقف.
وما يعزّز حالة الحنين وتمنيات العودة إلى تلكم اللقاءات ما كان لها من أثر مهم في التكوين الثقافي والوعي الفكري للعديد من القضايا الدينية والتاريخية التي كان الدكتور «ره» حريصًا على بيانها وتأكيد بعض تفاصيلها. فالإنسان بطبعه يحنّ إلى هذا النوع من المفاصل المهمّة في حياته، وذلك لدورها الكبير في تشكيل شخصيته وبنائها.
لم يكن مجلس العلامة الفضلي «ره» مجلسًا عاديًّا، وذلك في العديد من تفاصيله التي قد يندر وجودها في مجلس آخر، وهي التفاصيل التي وجدتني مدفوعًا للحديث عن بعضها انطلاقًا من مناسبة الذكرى الثالثة عشرة على رحيله، رحمه الله، إذ توفي في 27 جمادى الأولى 1434هـ، والتي وجدت من المناسب ترتيبها وفقًا للعناوين التالية:
بدأت علاقتنا مع مجلسه «ره» بُعَيدَ استقراره في المنطقة بفترة قصيرة، إذ تقاعد من عمله محاضرًا في جامعة الملك عبد العزيز بجدّة عام 1409هـ، وكانت أوّل زيارة لي حسبما أذكر بعد عامين أو ثلاثة من سنة تقاعده، فهي إما عام 1411هـ أو 1412هـ. وقد كانت باقتراح من الأستاذ علي طحنون، حفظه الله، إذ اقترح عليّ ومعي بعض الإخوة في إحدى ليالي ذلك العام التوجّه لزيارته بعد صلاة العشاءين. وهو الوقت المناسب لزيارته «ره»، إذ يبدأ قدوم الزائرين إلى مجلسه من بعد صلاة العشاءين حتّى الساعة التاسعة مساءً من كلّ ليلة، باستثناء ليلتي الخميس والجمعة، إذ فهمنا حينها أنّه يخصّصهما لزياراته العائلية، فيقضيهما زائرًا لأحد أبنائه أو إحدى بناته، أو غيرهم من الأقارب والمعارف.
ولأنّ عطلة نهاية الأسبوع، وقتَ نشاط مجلسه، كانت يومي الخميس والجمعة، يزدحم مجلس ليلة السبت أكثر من بقية الليالي؛ لأن مجموعة من الحاضرين يقدمون من مناطق بعيدة نسبيًّا، من الأحساء، خصوصًا، وتكون ليلة السبت أكثر مناسبة لهم، من حيث القدوم والقفول راجعين إلى مناطقهم. ويضاف إلى ذلك تعوُّدُ مجموعة من حضور المجلس على تخصيص هذه الليلة «ليلة السبت» لزيارة سماحته، وكان من بينهم أستاذنا الراحل أبو مهدي سعيد الخويلدي «ره»، حيث كانت هذه الليلة هي الأفضل له من حيث إمكانية التزامه بحضور مجلس الدكتور الفضلي «ره»، وذلك لأنّ الأستاذ أبا مهدي كان - إلى جانب عمله موظّفًا في شركة أرامكو - ملتزمًا بالدرس الحوزوي ليليًّا، إما دراسةً أو تدريسًا. ولأنّ ليلة السبت امتداد ليوم عطلة، يمكنه تخصيصها لهذه الزيارة الأسبوعية، التي لم يكن «ره» يتعامل معها على أنها زيارة وحسب، وإنما كانت بمثابة استكمال لدروسه التي كانت بعض تساؤلاته انطلاقًا من طبيعة ما يدرسه أو يدرّسه.
ولأنّنا في بعض الحالات كنّا تلاميذ للأستاذ أبي مهدي، فكانت ليلة السبت وقت فراغنا من الدرس، فنصحب أستاذنا في زياراته هذه، وبخاصّة أنّ بعضنا لم يملك السيارة قبل الوظيفة.
غالبًا ما كانت زياراتنا لمجلسه المبارك متفقًا عليها مسبقًا، حيث كنَّا نجتمع بعد صلاة العشاءين في أحد المساجد، لننطلق بعدها إلى الدمام، بحيّ المباركية، متوجّهين إلى منزل العلامة الدكتور الفضلي «ره». ففي حال سَبَقَنَا أحدُهم، وجدنا الباب مفتوحًا، فندخل تلقائيًّا، وإن وجدناه مغلقًا، طرقناه، فيستقبلنا أحد أبنائه، ويطلب منّا الدخول ريثما يبلغ الدكتور بقدوم بعض الزائرين. وأول ما يستقبل الزائر شجرة عنب مع مدخل الباب، علّق عليها الدكتور لوحة صغيرة كتب عليها: «كرمة ابن هانئ»، وهي تسمية لم نسأل عن المغزى منها، وقتئذٍ، وكل ما توقعتُه حينها أن تكون كرمة مشهورة نُسِبت تاريخيًّا للشاعر الأندلسي: ابن هانئ؛ لأعلم لاحقًا أنها اسم لقصر الشاعر المصري أحمد شوقي الذي أطلق عليه هذا الاسم، قاصدًا الشاعر العبّاسي الحسن بن هانئ «أبا نوّاس»، حيث كان منزله ملتقًى أدبيًّا وثقافيًّا مهمًّا على المستوى المصري. ولذلك قد يكون المغزى، حسب ما أفهمه، هو الجمع بين تسمية الشجرة باسم خاصّ؛ ذلك أن إطلاق اسم على إحدى أشجار المنزل، له رمزيته التي تشي بنوع من التعلّق والارتباط بهذه الشجرة، وبين استحضار رمزية مجلس الشاعر المصري أحمد شوقي الذي كان منتدى أدبيًّا وفكريًّا مهمًّا في حينها. وفي هذه التسمية حضور لطبيعة ما يُدار فعليًّا في المجلس من موضوعات أدبية وفكريّة وتاريخية. ولا يستبعد رمزية هذه التسمية لمرحلة تواجده في مصر، حيث قضى فيها خمس سنوات متواصلة، تركت لديه ذكريات جميلة وتقديرًا كبيرًا لهذا البلد، وبخاصّة ما يتعلّق بالشؤون العلمية والثقافية والفكرية.
كما تقابلك لوحة أخرى أعلى باب المجلس مكتوب عليها: «دارة الغريّين»، في إشارة إلى مدينة النجف، حيث مرقد أمير المؤمنين
. إذ كان «ره» يعتزّ كثيرًا بهذه التسمية، فكان يوقّع بها في نهاية كتبه التي كتبها بعد انتقاله إلى هذه الدار، حيث ينهي مقدّمة كلّ كتاب بعبارة: «عبد الهادي الفضلي، دارة الغريين، الدمام». ويبدو أن هذه التسمية لمجلسه كانت من بدايات انتقاله لهذه الدار، إذ ظهرت في توقيعاته لأوائل كتبه التي صدرت بعد انتقاله إليها، ومن ذلك خاتمة مقدمته للجزء الأول من كتاب «دروس في فقه الإمامية» الصادر عام 1413هـ.
وتعلُّقُ سماحته «ره» بالنجف كبير جدًّا، يظهر من استحضاره للعديد من مميّزات هذه الجامعة العلمية العريقة، وبالخصوص في أحاديثه عنها في هذا المجلس، لدرجة أنّ العديد من حضور مجلسه قد تعلّق بها انطلاقًا ممّا كان يسمعه من أحاديث وذكريات يسوقها الدكتور الفضلي «ره» في إجاباته عن بعض الأسئلة أو عند التعليق على بعض الأحداث، أو استحضار لبعض الذكريات فيها، أو أثناء حديثه عن بعض أعلامها، وما دار فيها من أحداث وما شهده «ره» من نهضة علمية وثقافية وإصلاحية يروي تفاصيلها انطلاقًا من كونه أحد المشاركين الفاعلين فيها أو المتأثرين المباشرين بمعطياتها. وكان هذا الحضور النجفي طاغيًا في أحاديث مجلسه هذا، وفي العديد من محاضراته العامّة.
من يخالط سماحة الشيخ الدكتور الفضلي «ره» تتأكد لديه حال البساطة في حياته، وتباسطه العالي في العلاقة مع الآخرين، وهو ما تجده أيضًا في أثاث مجلسه، حيث لا تجد في جدرانه سوى صورة كبيرة لوالده الميرزا محسن «ره»، وأسفل هذه الصورة عكّازه الذي كان يستعمله في أخريات عمره الشريف.
وتجد طقمًا بسيطًا جدًّا من الكنب المحيط بجدران المجلس، يجلس سماحته بجانب زاويته المقابلة للباب تقريبًا، حيث يخصّص هذه الزاوية لوضع بعض الكتب أو السجلات الحاوية لبعض الكتب حديثة التأليف، التي قد أحضرها مؤلفوها طالبًا كلٌّ منهم التقديم لها أو التعليق عليها. أما الزاوية الأخرى القريبة من باب المجلس، فيضع فيها أحد أبنائه الشاي، الذي يدور به بين الفينة والأخرى على ضيوف تلك الليلة.
يلمس القادم إلى هذا المجلس نوعًا من البساطة التي يجدها في معظم مجالس أعلام النجف، حيث الزهد والبعد عن زخارف هذه الدنيا، وإلى جانب هذا الزهد والتواضع الجمّ يجد العلم وسعة الاطلاع والجواب المناسب وتشعّب الموضوعات وتنوّع السائلين، ويجد معها الضيافة البسيطة المناسبة لمجالس العلم والأدب.
عندما ندخل مجلسه «ره»، نجلس قبالة الباب قريبين من مكانه المعتاد بانتظار قدومه، وما هي إلَّا لحظات، حتّى يقبل علينا بتواضعه الجمّ مرحبًا وسائلًا عن الحال، ومكنّيًا لكلٍّ بما يعرفه له من كنية: «ها أبو علي، شلونك؟»، «أبو محمد أستاذ سعيد طمّنّا عنك؟»، «شيخنا، أبا محمد، أخباركم»... وهكذا. وعندما نكون بصحبة الأستاذ أبي مهدي سعيد الخويلدي «ره»، يكنّيه بأبي مهدي، ولأنّه يعلم بأن زوجته من سادة آل الشرفاء، كان يحرص على تسمية ابنه إذا كان بصحبته بـ «الميرزا مهدي». وإذا كان من بين الحضور بعض طلبة العلوم، يشيد به أمام الحضور، ويذكر جهوده العلمية أو الاجتماعية.
وغالبًا ما يحرص كلٌّ منا على كتابة بعض الأسئلة في صفحات دفاتر الملاحظات الصغيرة «دفاتر الجيب»، وكان أحرصنا على ذلك الأستاذ أبو مهدي «ره»، إذ من النادر جدًّا أن تخلو زيارته من أسئلة دوّنها في دفتره الملازم له، إذ لا يغفل عن تدوين ما يعنّ له من تساؤلات أثناء الدرس أو أثناء الاستماع إلى محاضرة أو قراءة كتاب. وكان الصديق العزيز أبو محمد الأستاذ سعيد المطرود ممّن يحرصون كذلك على تدوين أسئلته في هذا النوع من الدفاتر، وكنت ألاحظ أُنس الشيخ بمثل هذا الاهتمام وبما يُطرح من أسئلة تثري المجلس، وكان مجموعة من الحضور يحرصون على البقاء في المجلس بسبب هذه الأسئلة وما يطرحه سماحته من إجابات تثير تساؤلات جديدة أو تعليقات جانبية مهمّة.
وفي كثير من الأحيان يستثمر سماحته طرح هذه الأسئلة في ذكر بعض المواقف أو الشواهد التاريخية التي من شأنها تعزيز ما يطرحه من إجابة. وفي حال كان أحد الحضور مهتمًّا ببعض الجوانب العلمية أو التاريخية، يشيد به وبجهوده ويطلب منه إثراء الجلسة بما لديه من معلومات أو تعليقات مهمّة تتعلّق ببعض الأسئلة. إذ أذكر إشادته بجهود المرحوم الأستاذ عبد الخالق الجنبي «ره» في التأريخ للمنطقة، ومرة بجهود سماحة الشيخ علي الفرج البلاغية والأدبية، ومرة بجهود الشيخ حسين المصطفى البحثية، وكذلك بجهود سماحة السيد هاشم الشخص في كتابه «أعلام هجر»، وغيرها من المواقف التي كان يشيد فيها بالحاضرين وما لدى كلٍّ منهم من دور علمي أو ثقافي أو أدبي.
وكان الزائر يرى تنوعًا كبيرًا بين الحاضرين، فمنهم طالب العلوم الدينية، وأستاذ الجامعة، والعامل في المجال الاجتماعي، كما يرى تنوّعًا عمريًّا، فإلى جانب هؤلاء يحضر طالب المدرسة والجامعة، ويجد معهم تنوّعًا مجتمعيًّا، إذ لا يغيب المهتمّ بالشأن الديني والمهتمّ بالشأن الأدبي أو التاريخي، وكذلك بعض رجالات المجتمع من التجار والوجهاء. كما أنّ بعضنا كان يرى للمرّة الأولى بعض الشخصيات التي تقدم من مناطق بعيدة نسبيًّا، حيث تزور هذه الشخصيات المنطقة وتحرص على زيارة مجلس سماحته، إذ كان يزوره بعض القادمين من المدينة المنوّرة أو من البحرين أو الكويت، وفي بعض الأحيان القليلة يحضر بعضهم من العراق. وكان الجميع يستطيع أن يسأل فيما هو مهتمّ به، ويجد الجواب المناسب أو الطريق إليه. فكان مجلسه «ره» منتدى يجمع كلّ هذا الشتات بمحبّة وعفوية عالية.
وقد كان من بين الحضور مجموعة من الكتّاب والمؤلفين الذي يُحضرون كتبهم لإطلاعه «ره» عليها والتقديم لها، فكثيرًا ما نجده يطلب من أحد أبنائه، وفي الغالب إما ابنه الأستاذ رشاد أو المهندس عهاد «الذي كان يسكن معه في ذات المنزل في تلكم الفترة التي كنّا نتردّد فيها»، أن يحضر مذكرة أو سجلًّا ملصقًا به ورقة ملاحظات صفراء ومدوّن عليها اسم المؤلف ومنطقته، وما هي إلَّا لحظات، وإذا بالشيخ يناول المؤلّف كتابه، معلقًا عليه ومرفقًا بمقدّمة تتناسب وطبيعة ما يعالجه الكتاب من موضوع.
تقديرًا لمكانة الدكتور، بما يعرفه له غالبية الحضور من تاريخ جهادي وعلمي، يلتزم أكثرهم طرح السؤال مع مراعاة مكانته «ره». ولكنّ هذا لا يعني عدم خروج بعضهم عن المألوف وطرح بعض التساؤلات بصورة استفزازية في بعض الأحيان، كما أن بعض الحضور يكون من صغار السن، ويقابله في الجلسة ذاتها بعض المحصّلين علميًّا، إذ يبادر بعضهم بالاستئذان والإجابة عن بعض أسئلة هذا السائل الأصغر سنًّا، أو أن بعضهم ينتظر سماحة الشيخ لينتهي من إجابته ليعلّق عليها بتعليقات قد تكون مثيرة في بعض حالاتها. ومع كل هذا، لا نجد من سماحته إلَّا رحابة في الصدر وسعة في تقبّل ما قد يطرأ من مواقف غير مناسبة. وكان هذا الخلق العالي من سماحته يضفي على المجلس حالًا من الهدوء والأريحية في التعليق وطرح الأسئلة، قد لا تكون حاضرة في مجالس أخرى في ذلك الوقت.
ومع ما كان للدكتور من مكان علمية كبيرة، كان حريصًا في كل تلك الجلسات على عدم الإشارة من قريب أو بعيد إلى أيٍّ من آرائه العلمية، بل إني لا أتذكّر أنه ذكر أمرًا يخصّ كتابًا من كتبه ليكون مصدرًا لمعلومة يذكرها في إجاباته حول بعض ما يثار من أسئلة، إلا في حال ذكر ذلك من قبل السائل. كأن يسأله أحدهم: «لقد ذكرت في كتابك الفلاني كذا وكذا...»، طالبًا من الشيخ توضيح الفكرة أو الإجابة عن سؤال طرحه السائل حول ما ذكره الدكتور في كتابه.
من بدايات حضور الدكتور الفضلي في المنطقة، شارك في الفعاليات الثقافية التي انطلقت فيها، وكان أبرزها في ذلك الوقت المواسم الرمضانية، بما أحدثته من نقلة ثقافية مميزة ومهمّة، إذ كان أبرز المحاضرين في عقد التسعينيات الميلادي، وقد أثرت محاضراته المنطقة بصورة كبيرة وواسعة، وقد شارك في معظم البرامج الرمضانية التي عقدتها اللجان الثقافية في بلداتها.
وقد كان مجلسه المبارك مزدحمًا بالتنسيق مع هذه الفعاليات، ومنطلقًا لفعاليات ثقافية جديدة، حيث ظهرت بعض المجلَّات الثقافية باقتراحٍ منه في طبيعة ترتيبها وكتابتها، كما كتبت بعض المناهج بتوجيه منه في آلية تبويبها وطبيعة كتابتها، وراجع مجموعة كبيرة منها، وقدَّم لمجموعة أخرى.
وبالإضافة إلى البرامج والفعاليات الثقافية، كان بعض أعضاء مجالس الجمعيات يطلعونه على برامج هذه الجمعيات ويستمعون إلى توجيهاته، ويقترح عليهم استحداث بعض البرامج أو اللجوء إلى بعض الحلول لما يواجهونه من مشكلات، وكانوا في المقابل يقدمون له بعض الإحصائيات والتقارير الخاصّة بهذه المؤسّسات والبرامج التي نفّذت مؤخّرًا.
وانسجامًا مع دوره العلمي والأكاديمي، كنّا نجد بعض طلاب الدراسات العليا يحضرون مجلسه طلبًا للاستشارات العلمية واقتراح بعض العناوين لأطروحاتهم العلمية، بل إنه أشرف على بعض طلبة هذه الدراسات، إذ كان عضوًا بالجامعة العالمية للعلوم الإسلامية ومقرّها لندن، وكان بعض منتسبيها من المنطقة يقترحون على الجامعة أن يكون الدكتور الفضلي هو المشرف على رسائلهم العلمية، وكان يقبل بعضها ويعتذر عن بعضها الآخر.
وفي هذا السياق، عُرِفَ عنه تشجيعه للكتابة والتأليف، وقد وجّه العديد من الكتّاب نحو بعض الموضوعات، وقدّم للعديد من المؤلّفات التي صدرت بالمنطقة، ويشهد لذلك العدد الكبير من التقديمات التي كتبها، حيث بلغت أكثر من 100 تقديم، جمعها مؤخّرًا سماحة الشيخ أحمد عبد الجبار السمين في كتاب مستقلّ.
وكان من بين المشاريع التي حرص بعض روّاد هذا المجلس على تنفيذها: إنشاء موقع إلكتروني يهتم بتراثه، من مؤلّفات ومقالات ومحاضرات وحوارات وتقديمات. وتمهيدًا لإنشاء الموقع، طلبنا منه ارتداء العمامة وتصويره في مكتبته التي كان يسمّيها: «بيت الحكمة»، لتكون هذه الصور من مختصّات الموقع. وكان من بينها هذه الصور:
في مكتبته الخاصة «بيت الحكمة»، معتمرًا العمامة
وإلى جانب هذه المشاريع الفردية، كان مجلسه منطلقًا لمشاريع جماعية، إذ كان هو من اقترح إنشاء جامعة آل البيت العالمية في مدينة قم المقدّسة، وذلك بديلًا عن تأسيس حوزة باسم المنطقة هناك، إذ اقترح على طلبة العلوم الدينية من أبناء المنطقة أن يسعوا إلى تأسيس مشروع علمي نوعي يوازي الحوزات التقليدية. وقد ساهم في إعداد مسوّدة المشروع وتفصيل التخصّصات الأكاديمية فيها والموادّ الدراسية. وها هي الآن صرح علمي قائم آخذ في التطوّر والعطاء.
(الصورة في الأعلى) مبنى جامعة آل البيت
العالمية كما يظهر من الخارج وشعار الجامعة
(الصورة في الأسفل) الجامعة كما تظهر من الخارج
رحم الله العلامة الدكتور عبد الهادي الفضلي برحمته الواسعة وأنزله عنده في أعلى عليين، وأجزل له الثواب لقاء ما قدّم وبذل وضحّى وأناله الجزاء الأوفى. إنّه سميع مجيب.













