آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:57 ص

حميد السيف.. حميد الخصال

عبد الباري الدخيل *

تميز الفقيد السعيد الحاج حميد السيف رحمه الله بحميد الخصال، فصار درساً أخلاقاً يمشي على الأرض، أو كما يقال: مصداق حيّ لما جاء في كتب الأخلاق.

وليس مستغربًا هذا عليه، فهو فرع من شجرة طيبة زكية، فأسرة آل سيف بعلمائها ومفكريها فارعة تعانق السماء، وآل البريكي الكرام فجده العلامة الشيخ ميرزا حسين البريكي المتوفى سنة 1396 هـ، والذي اشتهر القول عنه إنه ”عالم الخطباء وخطيب العلماء“.

كان رغم فارق السن بيننا إلا أنه لا يأنف أن يقف ويصافح ويتحدث بكل تواضع واحترام.

لا أعلم على وجه الدقة متى بدأت العلاقة بين الأسرتين، ما أذكره أن أبي رحمه الله كان صديقًا لأبيه محمد تقي وعمه حسن علي، وكان يقرأ القرآن الكريم في ليالي شهر رمضان المبارك في مجلسهم، وكذا السيرة «الفخري» في محرم والوفيات في حسينية ابن جمعة في ديرة تاروت.

لكن ما أعلمه حقًا هو هذا الاستقبال والحفاوة الذي يظهره بمجرد اللقاء، والسؤال عن الأهل والأصدقاء وكله شوق لمعرفة أخبارهم.

ذات صباح قابلته في طريقي لحرم السيدة زينب في ريف دمشق، فسلم بحرارة، وصافح باشتياق، ونشر السعادة في المكان.

كان يرحب كأنه الصديق الأثير، ويسأل عن أبي وأمي وإخواني فردًا فردًا، ويلح على الضيافة بكرم ونبل.

عندما بدأ نشر شيء من كتاباته الأدبية كنت أحتفي بكل ما يصلني من إنتاجه، كان أنموذجًا لي كمبتدئ، أحببت قراءة قصصه، ورواياته، فلغته سلسة، وقلمه يتدفق عاطفة، كما وصفه الصديق رضي العسيف «كانت قصصه ذات بعدٍ أدبي إنساني رفيع؛ تحمل حرارة الألم، وصدق الوجدان، وعمق الفكرة».

وكان كلما التقيته يسأل عن الكتابة ويشجع على الاستمرار، ويعطي ملاحظاته بكل تواضع وأدب.

رحمك الله يا أبا مقداد، فأنت مصداق لما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : «خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ».

فقد بكتك القلوب قبل الأعين، وندبتك الأرواح قبل الألسن، فهنيئا لك ما قدمت لآخرتك، وهنيئا لك هذه المحبة في القلوب.