قرار هام للمرضى.. ”الغذاء والدواء“ تحسم الجدل حول تبديل الأدوية الحيوية
وضع الهيئة العامة للغذاء والدواء حجر الأساس لمرحلة تنظيمية جديدة في قطاع الدواء بالمملكة، بطرحها الدليل العام لتسجيل الأدوية الحيوية المشابهة عبر منصة ”استطلاع“.
يأتي ذلك في خطوة استراتيجية تهدف إلى توحيد معايير تطوير هذه الفئة الدوائية عالية التعقيد، وضمان مأمونيتها وفاعليتها قبل وصولها للمريض، مستندة في ذلك إلى أحدث المنهجيات العلمية التي توازن بين سرعة الوصول للدواء ودقة التقييم.
ويرسي الدليل الجديد مبدأ ”التشابه الحيوي“ كركيزة أساسية للاعتماد، حيث أوضحت الهيئة أن جوهر هذا المسار يكمن في تطوير منتج يحتوي على مادة فعالة حيوية تتطابق بنيوياً ووظيفياً مع منتج مرجعي معتمد سابقاً.
وأكدت أن إثبات هذا التطابق الدقيق يغني عن الحاجة لإعادة إثبات الفاعلية والسلامة سريرياً من نقطة الصفر، مما يمثل تحولاً جوهرياً في فلسفة التسجيل الدوائي يختصر الوقت والجهد دون التنازل عن الجودة.
وفي سياق تخفيف الأعباء التنظيمية المستند إلى العلم، تبنت الهيئة توجهاً متقدماً يتيح للمطورين الاستغناء عن دراسات الفاعلية الإكلينيكية الموسعة والمكلفة، شريطة تقديم أدلة قاطعة عبر التمارين التحليلية والمخبرية تثبت التشابه الكامل مع المنتج الأصلي.
وأشارت إلى أن البيانات التاريخية والتحليلات المتقدمة أثبتت أن المنتجات التي تجتاز اختبارات الجودة المقارنة بنجاح، تظهر دائماً أداءً مماثلاً في التجارب السريرية.
ولضمان دقة هذه المقارنات، وضعت الهيئة بروتوكولاً صارماً يلزم الشركات بإجراء تمارين مقارنة شاملة على عدد كبير من العينات، محددة الحد الأدنى بـ 15 دفعة من المنتج المرجعي و 10 دفعات من البديل الحيوي، وذلك لرصد أي تباينات دقيقة قد تنشأ عن طبيعة التصنيع الحيوي المعقد، والتأكد من أن هذه الفروقات تقع ضمن الحدود الآمنة التي لا تؤثر على استجابة المريض للعلاج.
وتطرقت المسودة التنظيمية إلى نقطة مفصلية تهم الممارسين الصحيين والمرضى على حد سواء، وهي ”التبديل الدوائي“، حيث حسمت الهيئة الموقف العلمي بتأكيدها أن الأدوية الحيوية المشابهة المعتمدة وفق معاييرها الصارمة تعد قابلة للتبديل مع المنتج المرجعي، مستشهدة بالتجربة الأوروبية التي رخصت أكثر من 100 منتج حيوي مشابه دون تسجيل أي حوادث تتعلق بالسلامة أو نقص الفاعلية عند التبديل.
ولم تغفل الهيئة جانب السلامة المناعية، إذ شددت على ضرورة مراقبة احتمالية تكوين الأجسام المضادة التي قد تؤثر على فاعلية الدواء، مطالبة المطورين بتوسيع نطاق دراسات الأمان والمناعة في حال عدم إجراء تجارب سريرية مقارنة، خاصة في الحالات التي تكون فيها آلية عمل الدواء غير مفهومة بالكامل أو عند ظهور شوائب جديدة لم تكن موجودة في المنتج الأصلي.
ويأتي هذا الدليل ليكمل المنظومة التشريعية للهيئة، ملزماً الشركات المتقدمة بملفات تسجيل تحتوي على توصيف دقيق للخصائص التركيبية والوظيفية باستخدام تقنيات تحليلية فائقة الحساسية، مع التأكيد على أهمية التواصل المبكر مع قطاع الدواء بالهيئة قبل تقديم الملفات لضمان استيفاء المتطلبات وتسريع وتيرة التقييم والموافقة.













