أنصار الإمام الحسين (ع): حبيب بن مظاهر الأسدي
حبيب بن مظاهر الأسدي «رضوان الله عليه» من كبار أنصار الإمام الحسين
، ومن أعلام الكوفة المعروفين بالفضل، والورع، والشجاعة، والولاء لأهل البيت
.
نسبه وسيرته: هو حبيب بن مظاهر «أو مظهر» بن رئاب الأسدي الفقعسي، من قبيلة بني أسد وكنيته أبو القاسم ويقطن في الكوفة ومن وجهائها، وهو من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
، وقد شارك معه في جميع حروبه «الجمل، صفين، النهروان».
دوره في كربلاء: بعد أن خذل أهل الكوفة الإمام الحسين
، بقي حبيب بن مظاهر
مخلصًا له، فلما علم بوصوله إلى كربلاء، خرج سرًا من الكوفة رغم التضييق، وانضم إلى الحسين
، حيث كان يبلغ من العمر أكثر من 70 سنة، ومع ذلك قاتل بشجاعة نادرة، وكانت له منزلة خاصة عند الإمام الحسين
ومن المقرّبين، وكان من قادة الجيش الحسيني.
بطولته واستشهاده: كان حبيب بن مظاهر
على ميمنة جيش الإمام الحسين
، وقد قاتل قتال الأبطال، وقتل عددًا كبيرًا من جنود العدو واستُشهد بعد الظهر من يوم عاشوراء، وقُطعت رأسه، وحُمِلَت إلى ابن زياد في الكوفة.
مكانته: ورد ذكره في زيارة الشهداء ”السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي“، وقد روي أنّ الإمام الحسين
قال له قبل المعركة: ”جزاك الله يا حبيب خيرًا، فقد كنت فاضلًا تختم القرآن في ليلة واحدة“.
أقوال العلماء فيه: عدّه العلامة المجلسي من أكابر الشيعة والفضلاء المعروفين وذكره ابن شهر آشوب ضمن نخبة أصحاب الإمام الحسين
.
في كتب التاريخ: ذُكر في الإرشاد للشيخ المفيد، ومقاتل الطالبيين، والطبري، والزيارة الرجبية، وله مواقف معروفة في نصرة الإمام علي والإمام الحسين «عليهما السلام».
دوره في نصرة مسلم بن عقيل
: عندما دخل مسلم بن عقيل
إلى الكوفة ممثلًا عن الإمام الحسين
، اجتمع إليه عدد من الوجوه البارزة من الشيعة، ومنهم حبيب بن مظاهر
حيث كان من المعلنين بالولاء للإمام الحسين
علنًا، وشارك في تعبئة الناس ومبايعتهم لمسلم بن عقيل «عليهما السلام»، لكنّه بعد خيانة الكوفيين، اضطر إلى التخفّي، كما فعل كثير من شيعة آل البيت
بعد انقلاب الموازين لصالح ابن زياد.
رسالته إلى الإمام الحسين
: تشير بعض الروايات إلى أنّ حبيبًا
كان من بين من كتب إلى الإمام الحسين
يدعوه للقدوم إلى الكوفة، وذلك قبل أن تتغير الأوضاع السياسية وتُغلَق الأبواب في وجهه، لكن بعد أن استشهد مسلم بن عقيل
، وظهر كذب الكوفيين، ندم حبيب بن مظاهر
على ضعف الناس وقرر تصحيح موقفه بالالتحاق بالإمام الحسين
رغم الخطر.
لقاؤه مع الإمام الحسين
في كربلاء: عندما علم حبيب بن مظاهر
بوصول الإمام الحسين
إلى كربلاء، خرج سرًّا من الكوفة بصعوبة، ورافقه أحد مواليه، وكان يتخفى من عيون رجال ابن زياد. وعند قدومه فرح الإمام الحسين
كثيرًا بقدومه، وقد استقبله استقبالًا خاصًا.
حبيب وزهير بن القين: من المعلوم وكما رُوي أنّ زهير بن القين
كان في البداية مترددًا في نصرة الإمام الحسين
، وكان ميّالًا إلى العزلة، لكن بعد لقائه بالإمام الحسين
، تغيّر موقفه، وانضم إليه، وكان لحبيب بن مظاهر
دور كبير في تشجيع زهير وبقية القادة على الثبات، وكان بمثابة ”الروح المعنوية“ للجيش الحسيني. ففي إحدى الليالي وقف حبيب يخطب في أصحاب الإمام الحسين
، وقال: ”والله، لو كنتُ أعلم أنّي أُقتل ثم أُحيا ثم أُحرق حيًّا ثم أُذرى، ويُفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك يا أبا عبد الله“.
ساعات الشهادة: قاد حبيب بن مظاهر
الجناح الأيمن من جيش الإمام الحسين
وقاتل قتال الأبطال، فقتل حوالي ستين فارسًا من جيش عمر بن سعد حتى هجم عليه أحد أعداء الله من بني تميم، فقتله بعد مقاومة شديدة ثم حزّوا رأسه وحملوه إلى الكوفة ليُعرض على ابن زياد كنوع من التشفي.
كلمة وداع: عند استشهاد حبيب بن مظاهر
، كان الإمام الحسين
حزينًا جدًا، فوقف عنده وقال: ”عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي“.
كان حبيب بن مظاهر «رضوان الله عليه» من أعمدة الشهادة والولاء في كربلاء، وقد نال مقامًا عظيمًا في قلوب المؤمنين، فخلّده التاريخ وذكرته الزيارة والرثاء.
ذكره في الزيارة: في زيارات شهداء كربلاء، ورد اسم حبيب بن مظاهر بوضوح، ومن أبرز ما جاء: ”السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي، القائل يوم الطف للإمام الحسين
: كأني بكم تُدعون في السماء بأسمائكم وأسماء آبائكم…“، كما ورد اسمه في الزيارة الرجبية وزيارة الناحية المقدسة: ”السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي، القائل للحسين
: والله لو قُطّعت ثم أُحرقت، ثم نُشرت، ثم قُطعت، ثم أُحرقت، لما فارقتك يا أبا عبد الله…“
في رثائه: تناول الشعراء والرواة ذكر حبيب بن مظاهر
في رثاء كربلاء، ومن أبرز المعاني:
في المقاتل: وقف الإمام الحسين
على جسده بعد استشهاده، ومسح الدم عن وجهه وقال ”عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي“.
في الشعر الحسيني: قال أحدهم:
قُتِلتَ يا حَبيبُ وما وهنتَ
وشِيبُكَ الطاهرُ ما لانتْ
وكنتَ فتى كربلاءَ المُضيء
صَريعًا على التُربِ ما خِنتَ
وفي شعر آخر:
يا حبيبَ الحسينِ كنتَ وفيًّا
سيفُكَ الصارمُ كانَ جليًّا
شيخُ سَبْعين لم يَخشَ مَوتًا
إنما الموتُ كان لهُ أمنيّةً حيّة
مرقده الشريف: يُزار مرقده اليوم داخل الضريح الحسيني المقدس في كربلاء، ويُعرف بـ ”قبر الشهيد حبيب بن مظاهر الأسدي“، وهو إلى جهة الرأس الشريف من ضريح الإمام الحسين
، وللمرقد الشريف قبة صغيرة داخل الضريح، ويُعدّ من أكثر الشهداء الذين يُزارون بزيارة خاصة بعد زيارة الإمام الحسين
.
سلام على حبيب بن مظاهر الأسدي يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حيّا.













