آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 1:30 م

أنصار الإمام الحسين (ع): قارب مولى الإمام الحسين

محمد يوسف آل مال الله *

المصادر المتوفرة عن قارب مولى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب قليلة جدًا، لكنّه يُذكر ضمن أنصار الإمام الحسين الذين استُشهدوا معه في واقعة كربلاء سنة 61 هـ.

الاسم والنسب: قارب «ويُقال أيضًا: ”قارب بن عبد الله“ في بعض الروايات»، وكان مولى للإمام الحسين بن علي ، أي من خدمه وأتباعه المقرّبين، وأصله غير مذكور بوضوح في كتب الرجال، ولكن كلمة مولى قد تشير إلى أنّه كان معتَقًا من موالي بني هاشم.

شهيد الوفاء الصامت: لم يكن قارب من أصحاب الوجاهة أو الشهرة، ولم تذكره كتب التاريخ بصفحاتٍ طويلة، لكنّه كتب اسمه في سجلّ الخلود بدمه، لا بحبر المؤرخين. كان قارب رضوان الله عليه مولىً للإمام الحسين بن علي ، خادمًا أمينًا في بيتٍ تعلّم فيه أنّ الخدمة ليست مذلّة، بل ميدانُ تزكيةٍ وولاء.

ففي كنف الإمام الحسين ، تربّى قارب على معنى القرب من الحق، لا القرب من الجاه. كان يرى في وجه الإمام الحسين إشراقةَ جده المصطفى ﷺ، ويسمع في صوته صدى العدالة التي أرهقت الظالمين. لم يكن من كبار القادة ولا من حملة السيوف المشهورة، لكنّه كان يحمل قلبًا لا يعرف التردد، وإيمانًا لا تهزه كثرة الأعداء.

مكانته: كونه مذكورًا في الزيارة الناحية يُعد دليلاً على رفعة مقامه وشرف شهادته، كما يظهر من سياق ذكره بين الموالي مثل: جون مولى أبي ذر الغفاري، وسعد مولى عمرو بن خالد، أنّ قارب كان من الطبقة المخلصة من الموالي الذين نالوا شرف الشهادة في نصرة الإمام الحسين .

دوره في كربلاء: ورد اسمه في زيارة الناحية المقدسة بين شهداء الإمام الحسين ، وهو من أوثق المصادر التي ذكرت أسماء أنصاره، وجاء فيها: ”السلام على قارب مولى الحسين بن أمير المؤمنين“. وهذا الذكر يُعدّ توثيقًا لشهادته وولائه. كما لم تذكر المصادر تفاصيل دقيقة عن كيفية استشهاده، إلا أن المؤرخين يُدرجونه ضمن الصف الأول من الموالين الذين ثبتوا مع الإمام الحسين حتى اللحظة الأخيرة من المعركة.

حين دعا الإمام الحسين أصحابه ليلة العاشر قائلاً: ”إني لا أعلم أصحابًا أوفى ولا خيرًا من أصحابي…“

كان قارب أحد أولئك الذين لم يغادروا الخيمة. لم يُعرف عنه خطبة ولا قولٌ كثير، لكنّه عبّر عن موقفه بالفعل لا بالكلام. ولأن التاريخ لا ينقل الأصوات الخافتة، ضاع صوته بين ضجيج الرماح، لكن بقي أثره شاهدًا على معنى الوفاء الصامت.

ففي صباح عاشوراء، حين بدأت المعركة، وقف قارب إلى جانب موالي الأمام الحسين الآخرين مثل جون مولى أبي ذر، وسعد مولى عمرو بن خالد رضوان الله عليهم جميعًا، يؤدّون واجبهم بشجاعةٍ نادرة. لم يكن فيهم مَنْ يفكّر بالنجاة، بل كانوا يتسابقون إلى الشهادة كأنّهم يتسابقون إلى وعدٍ قديم مع الله.

شهادته: استُشهد قارب في كربلاء، مجهولَ الملامح في الدنيا، معلومَ المقام عند الله. ورد اسمه في الزيارةالناحية المقدسة، التي تُعدّ وثيقة إلهية في تكريم أنصار الإمام الحسين ، وجاء فيها: السلام على قارب مولى الحسين بن أمير المؤمنين". سلامٌ من الإمام المهدي عليه، سلامٌ يعوّض عن كل ما غاب من سيرةٍ وتاريخ، ويمنحه مكانته بين الخالدين.

دلالة سيرته: قارب رضوان الله عليه يمثل نموذج الإنسان الذي يخدم بصمت، لكنّه يثبت ساعة الاختبار. قد لا يُعرف في حياته، وقد لا تُذكر بطولته في الكتب، لكنّ إخلاصه يجعل له مقامًا لا يبلغه كثير من المشاهير.

وهذه السيرة تُذكّرنا أن الولاء ليس في الشهرة، بل في الموقف، وأنّ مَنْ يخدم قضية الحق بإخلاص، ولو بيدٍ خفية، يكتب الله اسمه في لوح الخلود.

أبرز المصادر التي ذكرته:

• الزيارة الناحية المقدسة - ضمن قائمة شهداء كربلاء.

• إبصار العين في أنصار الإمام الحسين، للسيد محسن الأمين.

• أنصار الإمام الحسين ، للشيخ محمد السماوي.

• تنقيح المقال في علم الرجال، للشيخ عبد الله المامقاني «ج 2».

السلام على قارب مولى الأمام الحسين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حيّا.