آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 1:30 م

سوق الأسهم السعودية: ارفعوا سقف ملكية الأجانب أو اقلعوه

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال

هل من أهمية لاستقطاب المزيد من المستثمرين الأجانب إلى سوق الأسهم السعودي؟ وهل يرحب المتعاملون الحاليون بذلك الاستقطاب؟ وهل تغرد سوقنا خارج السرب بأن سقفنا دون 100 بالمائة؟

الإجابة القصيرة للسؤال الأول هي: إن استقطاب المزيد من المستثمرين الأجانب إلى سوق الأسهم السعودي أمر بالغ الأهمية لاتساقه لا مع مستهدفات استراتيجية هيئة السوق المالية فقط، بل كذلك مع الانفتاح الاقتصادي الذي جلبته برامج ومبادرات الرؤية، ولانسجامه مع برنامج تطوير القطاع المالي، ووقوعه في صلب سياق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار.

أما الإجابة على السؤال الثاني، بشأن ترحيب المتعاملين الحاليين في سوق الأسهم، فالأمر لا يحتاج إلى تنظير أو كثير تحليل. فقبل خمسة أسابيع، «تحديدًا في 23 سبتمبر 2025»، نشرت وكالة بلومبرغ مقابلة جعلت مؤشر سوق الأسهم السعودي في اليوم التالي «24 سبتمبر» يقفز 5.1 بالمائة في يوم واحد، وبذلك قفز قفزة لم يشهدها منذ ما يزيد على خمس سنوات. كانت تلك المقابلة بعنوان: المملكة العربية السعودية تخفف القواعد التي تحدد الحد الأقصى للملكية الأجنبية للشركات المدرجة بنسبة 49 بالمائة.

ورغبة في الدخول في صلب الموضوع أقتبس من تلك المقابلة، التي أجرتها الوكالة مع أحد أعضاء مجلس هيئة السوق المالية، اقتباسين اثنين. الأول يقول: أعتقد أننا على وشك الوصول، يمكن أن يدخل حيز التنفيذ قبل نهاية العام، في إشارة إلى الرفع المحتمل للحد الأقصى لتملك المستثمر الأجنبي في الشركة المدرجة، والبالغ حاليًا 49 بالمائة، مع إمكانية التنفيذ في الربع الرابع من عام 2025. ويقول الاقتباس الثاني: المراجعة جارية حاليًا، إذ إن هناك العديد من أصحاب المصلحة الذين يحتاجون إلى الموافقة على رفع هذا القيد، إلا أنهم يتوقعون أنه سيأتي قبل نهاية العام.

وعلى صلة بالإجابة على السؤالين أعلاه، فقد أقيمت في الرياض النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار «FII9»، خلال الفترة من 27 إلى 30 أكتوبر 2025، تحت شعار فتح آفاق الازدهار: كسر الحدود الجديدة للنمو. وقد شارك رئيس هيئة السوق المالية السعودية في يوم 29 أكتوبر 2025 في جلسة بعنوان أسواق رأس المال: محرك النمو الاقتصادي، التي أدارها محرر من بلومبرغ كذلك، وتناولت إصلاحات السوق المالية، بما في ذلك حدود الملكية الأجنبية. وفي ذات الجلسة، وفي شأن مراجعة ورفع الحد الأقصى 49 بالمائة، ذكر رئيس الهيئة: سنراجع حدود الملكية الأجنبية في عام 2026، تمهيدًا لرفع الحد تدريجيًا من 49 بالمائة أو ربما إزالته بالكامل. هذا جزء من التزامنا بتعميق السوق وجذب المزيد من المستثمرين المؤسسيين.

وهنا يتولد تساؤل ناتج عن الفارق في التاريخ بين التصريحين أعلاه، فقد أسس التصريح الأول لتوقعات بفتح مجال أرحب لتملك الأجانب في سوق الأسهم «خلال 2025»، وأتى التصريح الثاني ليرحل ذلك إلى العام القادم «2026»، ما قد يعني - في فهمي - أن ثمة مانعًا أو مقاومة لفتح السوق!

أما الإجابة على السؤال الثالث فتستوجب لمحة خاطفة عن مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي «FSDP» في العام 2030، إذ يسعى إلى تحقيق أصول مصرفية بقيمة 4,553 مليار ريال سعودي، وسوق أسهم توازي من حيث القيمة 88 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة يوازي 20 بالمائة من الائتمان المصرفي، ومعاملات غير نقدية تعادل 80 بالمائة. وقد حقق البرنامج تقدمًا ملحوظًا، متجاوزًا مستهدفات مرحلية في عدد من المؤشرات مثل عدد شركات التقنية المالية «261»، والمدفوعات الإلكترونية «79 بالمائة»، ورسملة السوق «86.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي».

ومع ذلك، قصرت بعض المؤشرات عن تحقيق المستهدف، وتحديدًا الملكية الأجنبية في السوق المالية، التي بلغت - حسب تقرير الهيئة لعام 2024 - 11 بالمائة بفارق يقل 6.5 بالمائة عن مستهدف قدره 17.5 بالمائة للعام ذاته. وهكذا، يمكن القول إن هناك ضرورة ملحة للتحسين لسد الفجوة، بما يؤدي إلى جذب المزيد من المستثمرين الأجانب عبر معالجة التحديات التنظيمية وتخفيف إضافي للقيود، ما يعزز الإدراج في المؤشرات العالمية ويجلب بذلك مستثمرين أجانب، ولاسيما الصناديق الاستثمارية ”الخاملة“ «المحاكية لأداء المؤشر».

وقليل من الإيضاح في هذه النقطة: فعندما ترفع هيئة السوق المالية سقف ملكية الأجانب في السوق، يؤدي ذلك إلى رفع مؤشري MSCI وFTSE وزن السوق السعودي في مؤشريهما للأسواق الناشئة، ما يترتب عليه وبصورة تلقائية أن تشتري ”الصناديق الخاملة“ المزيد من الأسهم السعودية لتتماهى ملكيتها فيه مع وزن مؤشر السوق السعودي في مؤشر الأسواق الناشئة لهذين المؤشرين. وبذلك تزيد الملكية الأجنبية في السوق السعودية، وهذا ما حدث فعليًا عندما أُضيف مؤشر ”تاسي“، حيث استقطب 11 مليار دولار من أموال ”الصناديق الخاملة“ في أقل من عام.

وعند النظر في سقوف ملكية الأجانب في الأسواق الناشئة الرئيسية نجدها 49 بالمائة في السعودية، و 100 بالمائة في الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وتايوان والمكسيك وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند والإمارات وقطر. ومع ذلك، فالعديد من الدول المدرجة أسواقها سواء في MSCI أو FTSE تضع سقفًا لقطاعات حساسة لديها مثل المصارف والإعلام والاتصالات، ما يبرر القول: ارفعوا السقف أو حتى اقلعوه.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى