آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 1:30 م

أحلام الفتى الطائر المال وسيلة لا غاية

عيسى العيد *

في مسلسل أحلام الفتى الطائر، الذي قام ببطولته الفنان عادل إمام إلى جانب الفنان عمر الحريري ونخبة من النجوم، نتابع قصة إبراهيم. رجل بسيط، يعيش صراعًا داخليًا بين نوازع الخير والشر، لكنه يُبتلى بسرقة مبلغ مالي كبير من عصابة أرادت تهريب المال إلى الخارج عبره. إبراهيم لم يرَ نفسه يومًا سوى إنسان عادي، لكنه حلم دائمًا بأن يحظى بالاحترام، وظن أن المال هو السبيل إلى تلك المكانة في المجتمع.

كثير من الناس يشاركون إبراهيم هذا الظن. في نظرهم، المال هو الطريق الأقصر للمكانة الاجتماعية، بينما يغيب عنهم أن هناك قيمًا أخرى لا تقل أهمية: العلم، الثقافة، والإبداع. وهكذا، حين يسيطر هذا الاعتقاد، يندفع بعض الناس إلى طرق غير مشروعة، مثل السرقة أو النصب أو تجارة المخدرات، طمعًا في مال يظنون أنه سيجلب لهم الاحترام. فتحول المال من وسيلة نافعة إلى غاية مدمرة.

وهنا تحضرنا قصة رجل بسيط علميًا وثقافيًا، عاش شعورًا دائمًا بالنقص، معتقدًا أن الناس لا يحترمونه. مع أن من حوله كانوا يقدرون أخلاقه، لكنه كان يرى ذلك مجرد مجاملة. أراد أن يعوض هذا النقص فوقع في وحل النصب والاحتيال. اقترض مالًا من أحد معارفه بحجة التجارة، لكنه أنفقه على شراء سيارة. وحين عجز عن السداد، لجأ للاقتراض من آخرين، مخادعًا نفسه بأنه يسد جزءًا هنا ويستفيد بالباقي هناك. شيئًا فشيئًا تحول إلى نصاب، وانتهى به الأمر إلى السجن.

صحيح أن المال ضرورة لا يُستغنى عنها، وهو وسيلة لتحقيق الأهداف ودفع عجلة الحياة، لكن قيمته الحقيقية تظهر عندما يُكتسب بجهد شريف ويُوظَّف لخدمة صاحبه ومجتمعه. أما المال الذي يتحول إلى كنز يُخشى عليه ويُحرَس طوال العمر، فإنه لا يعود وسيلة بل يصبح عبئًا يقيّد صاحبه.

وهذا ما انتهى إليه بطل المسلسل. فقد ضاع المال الذي خبأه في مكان خاص، وانتهى حارسًا له لا منتفعًا به، حتى أدرك أن ما حسبه وسيلة للارتقاء صار سبب سقوطه.

الخلاصة: المال مهم، لكنه ليس كل شيء. قيمتك الحقيقية تكمن في جهدك، علمك، وعملك الشريف. فالمال بلا قيم ولا إنسانية لا يرفع مكانة، بل قد يجر صاحبه إلى الهاوية.