آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 4:59 م

ما زالت فرص أبواب التوبة متاحة لنا فلنغتنمها

جمال حسن المطوع

نحن أمام اختبار رباني، فهل يكون النجاح حليفنا، فنفوز بالدارين: دنيا وآخرة، ونكون بهذا قد حققنا ما من أجله خلقنا، وهو السعي إلى الكمال الوجداني والروحي والمعنوي؟ أم نكون في الاتجاه المعاكس، فنتيه في خضم المتناقضات والمتاهات التي تقودنا إلى درك سحيق وهوة عميقة، نتيجة ما وقعنا فيه من مساوئ ومناكر بسبب التأثير النفسي ووسوستها؟

ومصداقًا لذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة التي تقول:

﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [يوسف: الآية 53].

النفس، وما أدراك ما النفس! تلك التي بالإصغاء إليها واتباعها تغوينا عن طريق الهدى والاستقامة، إذ ما منا أحد في هذه الحياة إلا وارتكب ذنبًا أو خطيئة، وشعر بعدها بتأنيب الضمير، واعتبرها نقطة سوداء في سجله الحافل بالخطايا والتقصير والمنازعات والمشاجرات التي أخرجته عن جادة الصواب من غير تروٍ وانتباه، وإن كل هذا مكتوب في صحائف أعماله التي سوف يحاسب عليها أمام خالقه.

هناك عبارة بليغة تقال، وهي: كل ساق سيسقى بما سقى، ولا يظلم ربك أحدًا.

وهناك قاعدة استثنائية حصرية خص بها الله تعالى ثلة من البشر، قد عصمهم من المعصية والإثم والقبح؛ لا يعرفون للمنكرات والهفوات مسلكًا، وهم الأنبياء والرسل والأئمة المعصومون عليهم سلام الله. فهؤلاء رسموا لنا مسارًا ونهجًا إن سلكناه واتبعنا هديهم وتوجيهاتهم حصنا أنفسنا ضد شهواتنا ورغباتنا الدنيوية، وفتحوا لنا أبوابًا من الهدى والرشاد في كيفية محاربة وساوس وصراعات نفوسنا، وتحصينها من سيئات أعمالنا، وجعلوا منها سدًا منيعًا ضد هجمات شياطين الإنس والجن وحيلهم الماكرة.

وبهذا كانت تلك الثلة الطاهرة قد رسمت لنا طرقًا من القيم والفضائل والمكارم التي إن اقتدينا بها وسرنا على نهجها، جنبتنا الوقوع في أي خلل أو زلل. ومما لا شك فيه أن أبواب التوبة مفتوحة ومشرعة، كما ورد عن النبي محمد ﷺ حين قال:

«كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون».

وذلك يعني أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، بل يصبح أفضل مما كان قبلها. والاستمرار على لزوم الطاعة واجتناب المحرمات، والشعور بالندم الصادق والخوف من الله سبحانه وتعالى، هي البشرى بالخير في الدنيا، والأثر الإيجابي في حياة الإنسان. ورد الحقوق إلى أهلها إذا تعلق الذنب بالعباد، من علامات قبول التوبة.

وما أحوجنا في هذه الأيام، ونحن نعيش أجواء صاخبة ومليئة بالمغريات والشهوات والملذات غير الشرعية، إلى أن نكون كما قال النبي محمد ﷺ:

«يأتي على الناس زمان، الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر».

والله ولي التوفيق.