آخر تحديث: 6 / 12 / 2025م - 1:26 ص

خبير نفسي: الدعم الأسري والمجتمعي حائط الصد الأول ضد الصدمات النفسية

جهات الإخبارية

كشف استشاري الطب النفسي، د. صالح اللويمي

، أن اضطراب ما بعد الصدمة، الذي يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً، يمكن أن ترتفع معدلات الإصابة به من 4% في الظروف الطبيعية لتصل إلى 70%، وقد تقفز إلى 90% في المجتمعات التي تعصف بها الحروب والكوارث الكبرى.

وأكد خلال الحلقة الخامسة من بودكاست قناة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية بالقطيف والتي جاءت تحت عنوان ”إضطراب ما بعد الصدمة“ أن هذا الاضطراب لم يعد يقتصر على من يعيش الحدث المأساوي بشكل مباشر، بل قد يطال حتى من يشاهده عبر وسائل الإعلام.

وأوضح الدكتور اللويمي أن هذا الاضطراب، المعروف علمياً بـ ”PTSD“، ينشأ عقب التعرض لمواقف جسيمة وخارجة عن المألوف، مثل مشاهدة حوادث مميتة، أو العيش في ظل الكوارث الطبيعية، أو حتى السماع عن مذابح وجرائم كبرى.

وأشار إلى أن العصر الرقمي أضاف بعداً جديداً للمأساة، حيث أصبحت مشاهدة مقاطع الفيديو والصور الصادمة للأحداث، حتى لو وقعت في بلد آخر، سبباً كافياً لإصابة الشخص بالصدمة، مستشهداً بتسجيل حالات تأثرت نفسياً بأحداث الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا دون أن يكون لها أي ارتباط مباشر بالضحايا.

وتتمثل أبرز أعراض الاضطراب في استعادة الشخص للحدث الصادم بشكل متكرر عبر ذكريات اقتحامية مؤلمة تُعرف بـ ”الفلاش باك“، أو من خلال الكوابيس الليلية، مما يجعله يعيش التجربة وكأنها تحدث الآن.

ويصاحب ذلك حالة من القلق الشديد، والتوتر، والتأهب المفرط لأي مثير بسيط، بالإضافة إلى أعراض اكتئابية قد تدفع المصاب إلى العزلة وتجنب أي شيء يذكره بالصدمة.

وشدد اللويمي على أن العلاج النفسي المتخصص هو حجر الزاوية في التعافي من هذا الاضطراب، وليس العلاج الدوائي الذي يقتصر دوره على التعامل مع الأعراض المصاحبة كالأرق أو القلق الحاد.

وأبرز أهمية ”الإسعافات الأولية النفسية“ كخطوة أولى مباشرة بعد وقوع الكوارث، حيث يتم جمع المتضررين في جلسات جماعية تهدف إلى التثقيف النفسي، وتوفير مساحة آمنة للتعبير عن المشاعر، وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول التجربة، مما يخلق شبكة دعم ذاتي بين الضحايا.

وللحالات التي تتطور إلى اضطراب كامل، يتم اللجوء إلى علاجات نفسية متقدمة أثبتت فعاليتها، مثل علاج ”إزالة التحسس وإعادة المعالجة عبر حركة العين“ ”EMDR“، الذي يساعد على فصل الذكريات المؤلمة عن الاستجابة الانفعالية الشديدة، بالإضافة إلى العلاج السلوكي المعرفي المرتكز على الصدمة.

وتطرق إلى وجود عوامل قد تزيد من قابلية الشخص للإصابة بالاضطراب، كوجود تاريخ من التعرض للعنف في الطفولة، أو تعاطي المواد المخدرة، أو المعاناة من بعض اضطرابات الشخصية.

وأكد أن الدعم الأسري والمجتمعي يلعب دوراً حاسماً في رحلة التعافي، داعياً إلى ضرورة محاربة الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمرض النفسي، والتوقف عن استخدام عبارات مؤذية مثل ”كن رجلاً“ أو ”الصبر وحده يكفي“، لأن ما يمر به المصاب هو مرض حقيقي يتطلب فهماً وتعاطفاً وتدّخلاً علاجياً سليماً.

?si=kf1PSjHTf57p3h7O