آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:57 ص

وصفة سعودية

رائدة السبع * صحيفة اليوم

قبل أيام، وبينما كنت أتصفح منصات التواصل، استوقفني خبر من السويد. لم يكن عابرًا بين ضجيج المحتوى اليومي، بل فكرة تستحق التأمل: مبادرة أطلقتها هيئة السياحة السويدية بالتعاون مع أطباء مختصين، حملت اسم «الوصفة السويدية»، تدعو الأطباء إلى وصف السفر علاجًا للمرضى لتحسين صحتهم الجسدية والنفسية.

ولمّا قرأتها، خطرت ببالي عبارة الإمام الشافعي:

سافرْ ففي الأسفارِ خمسُ فوائدٍ:

تفريجُ همٍّ، واكتسابُ معيشةٍ،

وعِلمٍ، وآدابٌ، وصُحبةُ ماجدٍ.

تلك الحكمة تختصر فلسفة العلاج بالحركة والتجربة والانفتاح. وخطرت لي فكرة: ماذا لو قرأها وزير الصحة، أو لفتت نظر وزير السياحة؟ ربما يُستدعى المرء للإشراف على برنامج كهذا... وأنا على أتم الاستعداد.

المملكة اليوم في أوج استعدادها لتقديم تجربة استثنائية، تجعل من السفر فيها رحلة علاجية متكاملة، تجمع بين الصحة والدهشة والروح.

في الرياض، يمكن للمرهق أن يجد التعافي في صخب الفعاليات. الاحتفال والضحك في الساحات العامة ليس ترفًا، بل شكل من أشكال العلاج الاجتماعي، يُعيد للنفس نبضها ويذكّرها بأن الفرح علاج يوازي الدواء.

في العلا، يجد الباحث عن السكينة ملاذًا في الصمت، حيث تتأمل الجبال نيابة عنه، وتعلّمه الصحراء أن السكون ليس فراغًا بل امتلاءً من نوع آخر.

البحر الأحمر يقدّم راحة للجسد والروح؛ مياه البحر تهدئ التوتر وتعيد الحيوية، والغوص والسباحة تجربة تُشعل الفضول وتمنح شعورًا بالدهشة. هذا النشاط مناسب لمن يعانون اكتئابًا خفيفًا أو إرهاقًا بعد العمل، مع جلسات سباحة منظمة، استرخاء على الشاطئ، أو غوص تجريبي، حيث تصبح كل موجة وكل نفس لحظة شفاء وتجدد.

في أبها، الهواء الجبلي يعالج الرئتين والروح، والمشي بين الغيوم عبادة صامتة. الطائف تنثر شفاءها عبر رحيق الورد.

ثم مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث تهدأ الروح وتطمئن.

وأخيرًا حبيبتي الشرقية: في الأحساء تبسط ظل نخيلها لمن أرهقته المدن، وفي بساتين القطيف وسيهات ونسيمها العليل، إلى جانب مياه البحر وغنى الأسماك في الدمام والخبر، تمنح الروح صفاءً والجسد حيوية، فتصبح الزيارة ملاذًا للروح وراحة للجسد.

هذه المدن ليست نقاطًا على الخريطة، بل محطات تعيد ترتيب اكتشافنا لذواتنا، وتذكّرنا أن السعادة ليست هدفًا، بل رحلة تبدأ بوصفة سعودية