آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 1:30 م

النية مطيّة

عبد الله أحمد آل نوح *

النية مطيّة… تحمل الأعمال إلى مقاصدها، فإن كانت صالحة أوصلت، وإن كانت فاسدة أضلت.

هي الدابة الخفية التي يمتطيها القلب في طريقه إلى الله، تُسرِع به أو تُبطئ، ترفعه أو تزلّ به.

كلّ عملٍ في الحياة - مهما بدا صغيرًا أو كبيرًا - لا يكتسب قيمته من صورته، بل من النية التي تسكنه.

يظنّ بعض الناس أن التغيير يبدأ من الخارج، من تبدّل المكان أو الوظيفة أو العلاقات، بينما الحقيقة أن التحوّل الحقيقي يبدأ من الداخل، من تلك اللحظة التي يُراجع فيها الإنسان مقصده، ويسأل نفسه بصدق: لمن أعمل؟ ولماذا؟

فإذا تغيّرت النية، تغيّر كل شيء.

قد يبقى الفعل واحدًا، لكن نية صاحبه تُحوّله من عادةٍ إلى عبادة، ومن مصلحةٍ إلى رسالة، ومن جهدٍ بشريٍّ إلى عملٍ ربّانيٍّ تُباركه السماء.

فكم من شخصٍ يؤدي عملاً بسيطًا لكن أثره عظيم، وكم من آخر يكدّ ويتعب ولا يرى من جهده إلا الغبار؛ لأن نيته غامت أو التبست.

حين تتغيّر النية، يصبح التعب عبادة، والبلاء مدرسة، والخسارة تجربة، والنجاح أمانة.

تتبدّل النظرة فنرى في كل عثرة دروسًا، وفي كل لقاءٍ قدرًا، وفي كل عطاءٍ امتحانًا للصدق.

بل حتى الدعاء يتغيّر طعمه حين يُقال بنيةٍ خالصةٍ لله لا لمكاسب الدنيا وحدها.

النية الصادقة هي محض البركة؛ فهي التي تفتح الأبواب المغلقة وتيسّر العسير وتبارك القليل.

وقد رأينا في الحياة من لا يملك إلا القليل، لكنه مغمور بالرضا والقبول، لأن نواياه نقية، ووجدنا من يملك الكثير، لكن بركة السعي غابت عنه لأن نيته لم تصفُ.

فالنية الطيبة تجذب التوفيق، وسوء النية يمحو البركة ولو توفّرت الأسباب كلها.

النية مطيّة، إن سارت بك على جادّة الصدق، أوصلتك إلى الخير أينما كنت، وإن حادت بك عن الإخلاص، أضاعتك في الطرق وإن كانت ممهدة.

فمن أراد أن يرى التغيير في دنياه، فليبدأ من حيث لا يراه أحد: من قلبه.

حين تصحّ النية، يتبدّل وجه الحياة، ويغدو كلّ ما حولنا أكثر نقاءً ودفئًا…

لأنّ الطريق، في الحقيقة، لا يبدأ من الخطوة — بل من النيّة

عضو مجلس المنطقة الشرقية ورجل أعمال