آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 2:41 م

طبعنا أخضر وعزوتنا وطن

محمد الحميدي

الجمالُ في مدينتي ليس وليد اللحظة الراهنة، فهو امتدادٌ لتاريخٍ طويلٍ من الزراعة المثمرة لأشجارِ النخيل والليمون واللوز والبابايا والتين والرمان والنبق «الكنار»؛ ما يجعلُ لها أهمية اقتصادية إضافة إلى هوائها المنعشِ وأجوائها الرائعة في الشتاء، وإن انتابتها شمسٌ حارقةٌ ورطوبةٌ عاليةٌ في الصيف بسببِ قربها من شاطئ الخليج العربي، حيث الصيادون يمارسون هوايتهم في غواية البحر واستخراج أنواعِ الروبيان والأسماك وقديماً اللؤلؤ.

الأشخاصُ في مدينتي أكثر جمالاً! فليس هنالك ما يمنعُ اللقيا بهم صغاراً وكباراً، كما لا توجد حواجزُ بين الجيران إذ الأبواب مفتوحةٌ والمجالس عامرةٌ بأهلها ونساء الحي كلهن أم لهذا الصبي وتلك الفتاة، فثمَّة تكافل وتعاون بين الجيران والأصدقاء وإذا اتسعت دائرة المناسبة كإقامة عرس أو جلوسٍ لتلقي عزاءٍ في متوفى فالجميع حاضر ويعمل بجهد ونشاط لمواساة العائلةِ ومساندتها.

أوقاتٌ رائعة لا يمكن نسيانها وستظل الذاكرةُ شغوفة بها، إذ هي ما يشكِّل هوية أبناء المنطقة ويعزز انتماءهم وتماسكهم، اليومَ ونحن في ظلال خيمةٍ واحدةٍ ووطنٍ يجمعنا فإن الانتماء يتعزَّز والوطن الصغير بات أكبر وأضحى الأب والأم والأخ والأخت، يساند بعضه في المناسبات السعيدة ويواسيها في الحزينة، وهذا أكبر مكسبٍ نناله ونحصل عليه.

اليومُ الوطني ذكرى لا تغيب عن الأذهان، فالمشتركات كثيرة والروابط عميقة والأخوة حاضرة في ظلال وطن يجمعنا في خيمته، بينما ننطلق إلى المستقبل ونراه يتحقق، وشعار هذا العام الخمس والتسعون «عزنا بطبعنا» يؤكِّد مفاهيم اللقاء والتماسك مع تعزيز الهوية الفردية ودمجها في مختلف مجالات الحياة المشتركة، حيث الاختلاف لا يؤدِّي إلى الفرقة والتباغُض بل يسير بنا نحو التلاقي والتآلف، وهو ما نراه حاضراً في حياتنا ومستقبل أبنائنا ووطننا.