”لم يرحل“.. زملاء العبدالمحسن يروون قصصاً لم تُحكَ عن رائد المسرح
على الرغم من أن الموت غيّب جسد الكاتب المسرحي الدكتور عبدالله العبدالمحسن، إلا أن سيرته وقصصه التي لم تُروَ من قبل، بقيت حية في ذاكرة زملائه وتلاميذه، الذين يؤكدون أن إرثه الإنساني والفني أكبر من أن يطويه الغياب. فخلف صورته كرائد لمسرح الطفل، كانت هناك حكايات عن المدير، والأستاذ، والصديق، والداعم الذي ترك بصمة لا تُمحى في حياة كل من عرفه.
وروى الممثل ومساعد المخرج محمد القاسم حكاية اكتشافه للجانب الآخر من شخصية مدير مدرسته، الدكتور عبدالله العبدالمحسن.
وقال القاسم إنه حضر بالصدفة مسرحية لم يكن يعلم من هو مؤلفها، ليتفاجأ لاحقاً بأن من كتبها هو مدير مدرسته الصارم. هنا، كما يصف، ”انكشفت صورة الفنان والمربي الذي سخّر المسرح ليكون منبراً للتراث والتربية“.
وأضاف هذه القصة تكشف عن الرجل الذي كان يوازن بين دوره الإداري وشغفه الفني، ليترك أثراً مضاعفاً في نفوس طلابه.
وأعترف الكاتب والمخرج موسى أبو عبدالله بفضل الراحل عليه في مسيرته، قائلاً: ”لا زلت أدين بالفضل له في تمكني من أدوات الكتابة والسرد في أعمالي“.
ووصف أبو عبدالله كيف أن لقاءه به في مسرحية ”الكراز“ فتح له آفاقاً معرفية واسعة، حيث كان الدكتور العبدالمحسن يتفنن في سرد ما يحتويه قلبه وعقله من معرفة، مانحاً خبرته بسخاء لمن حوله. مشيرا إلى انه لم يكن تأثيره يقتصر على الخشبة، بل امتد إلى المجالس والجلسات الخاصة.
واستذكر الممثل ناصر الظافر لقاءه الأول به في دورة العروض القصيرة، حيث كان مشاركاً بعمل مونودراما.
وقال الظافر: ”بعد العرض، جلس معي وبدأ يناقش في العرض ويتكلم عن السلبيات والإيجابيات“. مشيرا إلى انه بعيداً عن الأضواء، كان للراحل دور آخر كمرشد وموجه.
ووصفه بأنه كان رجلاً خلوقاً وداعماً للشباب، ”يتكلم بهدوء ويوجه بهدوء“، وهي عادة استمر عليها في كل المحافل المسرحية، حيث كان يحرص على تقديم وجهة نظره للمخرج أو الممثل على انفراد، في لفتة أبوية نادرة.
وأكد المخرج سلطان النوه أنه ”لم تكن لديه أي إشكاليات مع أي أحد“، وكان محبوباً من جميع المسرحيين. لافتا إلى انه أجمع كل من تحدث عنه على دماثة خلقه وتواضعه.
وقال الممثل ميثم الرزق: ”هو من الشخصيات التي ليس لها عداوة في المجال الفني والمسرحي، وما نعلم من ظاهره إلا خيراً“. مشيرا إلى ان هذه السيرة العطرة جعلته شخصية جامعة، تحظى باحترام وتقدير الجميع وأجمع كل من تحدث عنه على دماثة خلقه وتواضعه..
ربما تكون الكلمات الأكثر تعبيراً عن إرث الفقيد هي تلك التي صاغها المسرحي عاطف آل غانم في رثائه الذي حمل عنوان ”رَحيلٌ يَشبهُ الحُضُور“.
وقال آل غانم: ”رحلَ عبدالله آل عبدالمحسن، لكنَّه لم يرحل؛ فما زالتْ أرواحُنا تتنفّسُ من سطوره، وما زالتْ ذاكرةُ المسرح تحتفظُ بخُطاه كنقشٍ على صخرٍ لا يمحوه الزمان“.
ووصف المخرج باسم عبدالحميد الهلال، الراحل العبدالمحسن ”قدوة ومُلهماً“. مشيرا إلى ان رحل الدكتور عبدالله، وبقيت حكاياته تروي كيف يمكن للفن أن يبني الإنسان، وكيف يمكن للأثر الطيب أن يهزم الموت.
وبين ان كل القصص والشهادات ليست مجرد رثاء، بل هي توثيق لإرث رجل لم يكن مجرد فنان عابر.













