”الشرقية حلوة“.. إنجاز وطني يعيد تعريف مفهوم إدارة الموارد المائية
تشهد المنطقة الشرقية تحولاً جذرياً في جودة الحياة والاستدامة البيئية، بفضل حزمة من المشاريع المتكاملة التي أطلقتها الهيئة السعودية للمياه تحت شعار ”الشرقية حلوة“، والتي نجحت في توفير مياه محلاة عالية النقاء لملايين السكان، منهيةً بذلك عقوداً من المعاناة مع المياه المالحة، وواضعةً أسساً قوية لمستقبل بيئي مزدهر.
واعتمدت الهيئة في هذه المشاريع على تقنية التناضح العكسي ”RO“ لمعالجة مياه الخليج العربي، المعروفة بملوحتها الشديدة، وتحويلها إلى مياه عذبة متوازنة الأملاح والمعادن.
وتصل هذه المياه اليوم بنفس الجودة والمعايير إلى كل منزل في مدن وقرى المنطقة، عبر شبكات إنتاج ونقل متطورة تغطي الدمام، والقطيف، وصفوى، ورأس تنورة، والأحساء، والجبيل، وحفر الباطن، والخفجي، والمناطق الطرفية.
ولدعم استمرارية الإمداد، ضاعفت الهيئة القدرة التخزينية للمياه في المنطقة من 1.2 مليون متر مكعب إلى 2.5 مليون متر مكعب، وهو ما يعادل استيعاب ألف مسبح أولمبي.
ولم يقتصر الأثر الإيجابي على توفير المياه فحسب، بل امتد ليشمل جوانب بيئية واسعة، حيث ساهمت المشاريع في خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 27.8 مليون طن سنوياً، وتحويل 30% من المساحات البرية والبحرية إلى محميات طبيعية، بالإضافة إلى زراعة ما يزيد على 600 مليون شجرة.
وانعكس هذا التحول البيئي على شكل مسطحات خضراء تتجاوز مساحتها 7 ملايين متر مربع، أي ما يعادل مساحة ألف ملعب كرة قدم، لتعزز الغطاء النباتي وتحد من تأثير العواصف الرملية.
هذه الإنجازات لم تكن مجرد أرقام في تقارير، بل أصبحت واقعاً ملموساً غير حياة المواطنين اليومية.
وأعرب سكان من الخبر والجبيل والقطيف عن ارتياحهم البالغ، مؤكدين أن المياه العذبة أنهت مشاكل تلف تمديدات السباكة والأجهزة المنزلية، وحسّنت من مذاق المشروبات اليومية كالقهوة والشاي، وأزالت عن كاهلهم عبء شراء المياه المعبأة الذي استمر لسنوات طويلة.
وفي الأحساء، أشار المزارعون إلى أن المياه المعالجة ذات الملوحة المنخفضة ساهمت بشكل مباشر في تحسين جودة محاصيلهم الزراعية وخفضت تكاليف الطاقة التي كانوا يتكبدونها لتشغيل مضخات الآبار.
وعبّر مواطنون عن سعادتهم بتحسن الجوانب الحياتية البسيطة، مثل الشعور بنعومة الأيدي بعد غسلها، وانتهاء مشاكل تلف الشعر التي كانت تسببها المياه المالحة.
وقال نايف القدران من الخبر: ”الحمد لله كنا في معاناة مع المياه المالحة التي كانت تكسر المواسير وتؤثر على طعم القهوة والشاي، واليوم نعيش نعمة عظيمة، نشكر الله ثم ولاة أمرنا الذين وفروا لنا مياه تحلية عذبة تصل إلى كل بيت، كنا نضطر لشراء المياه وحتى بعض المحلات كانت تتكبد الخسائر بسبب رداءة المياه، أما اليوم فالأمر مختلف تمامًا“.
وأوضح باقر الخليفة من الأحساء، أن التحسن انعكس بشكل مباشر على الزراعة قائلاً: ”الماي اللي جانا من مؤسسة الري ماي معالج، نسبة الأملاح فيه قليلة، وهذا حسن من جودة الإنتاج الزراعي وقلل مصاريف الكهرباء في ضخ المياه من الآبار، التجربة خففت علينا أعباء كبيرة وساعدتنا في الحفاظ على تراث الزراعة الحساوي“.
وعبّر المواطن ميثم الرزق من الأحساء عن ارتياحه قائلًا: ”كنا عندما نغسل أيدينا تحس بالملوحة، الحين لا، اليد تتملص وتزلق مع الصابون، الحمد لله رب العالمين على هذه النعمة“.
أكد خالد الخليفة من الأحساء أن تحلية المياه وفرت عليهم أعباء الصيانة: ”كنا نرهق كثيرًا من تراكم الأملاح على المواسير والخلاطات وتكرار مشاكل السباكة، أما الآن فقد ارتحنا ونسيْنا السباكين تمامًا“.
وفي القطيف، عبّر حسن آل خلف عن فرحة الأهالي بالتحسن الكبير قائلا: أول المياه مالحة وتكسر المواسير وتفسد الشعر، واليوم الكل مبسوط ويشيد بالجهود الكبيرة المبذولة لتوفير مياه عذبة وآمنة".
وقال عيسى الخاطر من الجبيل: ”كنا نشتري المياه من خارج المنطقة ونتكلف كثيرًا، أما اليوم فالمياه العذبة متوفرة بالحنفية، أحطها في القارورة عند راسي وأستخدمها براحة“.
وأضاف ناصر العجمي من الجبيل: ”فعلاً الشرقية حلوة.. المياه صارت حلوة. أول كنا نجيب مياه خاصة للقهوة والشاي، أما اليوم فالمياه المحلاة اللي تجينا مباشرة تكفينا لكل الاستخدامات“.













