جلسات ”أونلاين“.. تعرف على أبرز ملامح مشروع التحكيم الجديد والمبتكر
طرح المركز الوطني للتنافسية مشروع نظام التحكيم عبر منصة ”استطلاع“ لاستقبال مرئيات العموم والمهتمين بشأن مواده وأحكامه.
ويعد هذا المشروع أحد أبرز الجهود المبذولة لتعزيز البنية الأساسية لآليات تسوية المنازعات، وترسيخ الثقة في بيئة الأعمال، وإبراز صورة المملكة كوجهة استثمارية قادرة على مواكبة التغيرات الدولية في المجال القانوني والتجاري.
ووفقا للنظام يُنظر إلى التحكيم بوصفه إحدى أهم الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، خاصة في القضايا التجارية والاستثمارية، حيث يوفر آلية أكثر مرونة وسرعة بعيدًا عن الإجراءات القضائية التقليدية.
حدد المشروع أن النظام يسري على كل تحكيم، أيًا كانت طبيعة العلاقة النظامية محل النزاع، في حالتين أساسيتين هما إذا كان مكان التحكيم داخل المملكة، أو إذا كان التحكيم تجاريًا دوليًا مكانه خارج المملكة، واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام النظام.
وأكد على أن بعض المواد، مثل المادتين السادسة عشرة والسابعة عشرة، تسري على كل تحكيم أيًا كان مكانه، في حين تختص المحكمة السعودية المختصة في حال عدم تحديد مكان التحكيم باتخاذ القرارات المتعلقة ببعض المسائل الجوهرية متى كان أحد الأطراف داخل المملكة.
القيود على نطاق التحكيم
أوضح المشروع أنه لا يجوز الاتفاق على التحكيم في منازعات الأحوال الشخصية أو المسائل التي لا يجوز فيها الصلح، وهو ما يتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية ويحافظ على خصوصية هذه القضايا.
التحكيم الدولي والتجاري
جاءت المادة الرابعة لتعريف التحكيم الدولي، حيث اعتبرت أن النزاع يكون دوليًا إذا ارتبط بالتجارة الدولية في حالات منها: وجود أطراف النزاع في دول مختلفة، أو تنفيذ التزامات أساسية للعقد خارج الدولة الواحدة، أو اتفاق الأطراف على اللجوء إلى مركز تحكيم خارج المملكة، أو ارتباط النزاع بأكثر من دولة.
أما المادة الخامسة فقد نصت على أن التحكيم يعد تجاريًا إذا كان موضوع النزاع علاقة نظامية تتصل بعمل تجاري وفقًا للأنظمة ذات العلاقة، وهو ما يضبط نطاق القضايا التي يمكن أن يشملها النظام.
المرونة في الإجراءات
من أبرز ملامح النظام الجديد المرونة التي يمنحها لأطراف النزاع، حيث يسمح لهم باختيار الإجراءات المتبعة، أو تفويض الغير من هيئات أو مراكز تحكيم داخلية أو خارجية لتحديدها، مع الالتزام بعدم مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية، كما يمكن للأطراف الاتفاق على تطبيق أحكام عقود نموذجية أو اتفاقيات دولية أو وثائق أخرى تنظم التحكيم، بما يعزز التنوع في الأدوات القانونية.
التبليغات وضمان العدالة
أفرد النظام مادة خاصة بكيفية التبليغات، إذ نص على أن التبليغ يتم شخصيًا أو عبر البريد أو البريد الإلكتروني أو الوسائل الرقمية الحديثة، مع اعتبار الرسائل الإلكترونية مستلمة بتاريخ إرسالها ما لم يثبت وجود خلل فني. كما أشار إلى أن المدد الزمنية تبدأ في اليوم التالي للتبليغ، مع تمديد المواعيد في حال توافقها مع عطلة رسمية.
الاعتراضات والحقوق
حرص المشروع على ضمان العدالة من خلال إتاحة حق الاعتراض على المخالفات، لكنه نص على أن استمرار أحد الأطراف في إجراءات التحكيم رغم علمه بوجود مخالفة ودون الاعتراض خلال المدة المحددة يعد تنازلًا ضمنيًا عن حقه في الطعن.
أكدت المواد أن محكمة الاستئناف التجارية هي الجهة المختصة بالنظر في دعاوى بطلان حكم التحكيم والمسائل المرتبطة به، وفي حال كان التحكيم تجاريًا دوليًا، فإن الاختصاص يكون لمحكمة الاستئناف التجارية في الرياض ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.
اتفاق التحكيم
خصص المشروع عدة مواد لتنظيم اتفاق التحكيم، حيث نص على أنه يجب أن يكون مكتوبًا سواء في بند داخل عقد، أو اتفاق منفصل سابق أو لاحق للنزاع، ويُعد الاتفاق مكتوبًا أيضًا إذا ورد في مراسلات أو مستندات رقمية أو حتى ضمن دفوع أثناء سير الدعوى، شريطة ألا ينكره الطرف الآخر، كما أقر باستمرارية الاتفاق حتى في حال وفاة أحد الأطراف.
علاقة شرط التحكيم بالعقد
أكدت المادة الثامنة عشرة على استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي، بحيث لا يؤدي بطلان العقد أو إنهاؤه إلى سقوط شرط التحكيم، ما دام الاتفاق صحيحًا في ذاته، وهو مبدأ معتمد في أغلب التشريعات الدولية.
الإجراءات والتدابير
منح المشروع الأطراف الحرية في الاتفاق على الإجراءات المتبعة، كما أجاز لهيئة التحكيم، في حال عدم وجود اتفاق، اختيار الإجراءات المناسبة بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، لا سيما أنه أكد على مبدأ المساواة بين الأطراف وتهيئة فرص متكافئة لعرض الدعاوى والدفاعات.
وسمح للمحاكم بالتدخل في حالات محددة عبر اتخاذ تدابير وقتية أو تحفظية بناء على طلب الأطراف، دون أن يُعتبر ذلك إخلالًا باتفاق التحكيم.
مكان التحكيم ومرونته
نص النظام على أن للأطراف الاتفاق على مكان التحكيم داخل المملكة أو خارجها، وفي حال غياب الاتفاق تعين هيئة التحكيم المكان المناسب وفقًا لظروف النزاع، كما أجاز لها عقد جلساتها أو سماع الشهود أو المعاينات في أي مكان تراه مناسبًا، بل وسمح بالانعقاد الافتراضي عبر الوسائل التقنية الحديثة، في خطوة تعكس مواكبة التطورات الرقمية.
أكدت المادة الحادية والأربعون على عقد جلسات مرافعة شفوية أو مكتوبة لإتاحة الفرصة للأطراف لعرض حججهم، مع إمكانية انعقادها حضوريًا أو عن بُعد باستخدام وسائل الاتصال المرئي، بما يتماشى مع التطورات التقنية. كما شددت على ضرورة إخطار الأطراف بالمواعيد مسبقًا.
بينما نصت المادة الثانية والأربعون على إجراءات مواجهة تقاعس الأطراف، حيث تُنهى الدعوى إذا لم يقدم المدعي عريضة دعواه دون عذر مقبول، في حين يستمر النظر إذا لم يرد المدعى عليه، كما أجازت للهيئة المضي قدمًا في حال تخلف أحد الأطراف عن الجلسات أو تقديم الأدلة.
ضم الدعاوى والاستعانة بالخبراء
وأتاحت المادة الثالثة والأربعون إمكانية ضم أكثر من دعوى تحكيم مرتبطة، لكن ذلك مشروط باتفاق الأطراف، وفيما يتعلق بالخبراء، أوضحت المادة الرابعة والأربعون تفاصيل الاستعانة بهم، بدءًا من تعيينهم من قبل الهيئة، مرورًا بحق الأطراف في تزويدهم بالمستندات والمعلومات، وانتهاءً بإتاحة مناقشتهم أمام الهيئة. كما نظمت المادة مسألة الأتعاب، حيث يتحملها الأطراف وفق ما تحدده هيئة التحكيم.
أفردت المادة الخامسة والأربعون معالجة دقيقة للحالات التي يثار فيها طعن بالتزوير أو مسألة جنائية خلال سير التحكيم، إذ أجازت للهيئة الاستمرار إذا لم يكن لهذه المسائل أثر جوهري على النزاع، أو إيقاف الإجراءات إلى حين صدور حكم قضائي نهائي، مع وقف المدد النظامية لحين البت.
التدابير الوقتية والتحفظية
منحت المادة السادسة والأربعون للمحكمة المختصة سلطة إصدار تدابير وقتية أو تحفظية سواء قبل تشكيل هيئة التحكيم أو بعدها، كما أجازت لهيئة التحكيم نفسها طلب مساعدة المحكمة في استدعاء الشهود أو الاطلاع على المستندات، بما يعكس تكاملاً بين القضاء والتحكيم في سبيل تحقيق العدالة.
نهائية الأحكام والطعن بالبطلان
أكد النظام أن أحكام التحكيم الصادرة لا تقبل الطعن بأي طريق من طرق الطعن العادية، باستثناء رفع دعوى البطلان وفقًا لما نظمته المادة الحادية والستون.
وحددت المادة الحالات التي يجوز فيها طلب البطلان، مثل: عدم وجود اتفاق تحكيم صحيح، أو نقص أهلية أحد الأطراف، أو عدم التبليغ الصحيح، أو تجاوز الهيئة لصلاحياتها، أو مخالفة النظام العام والشريعة الإسلامية.
ومنحت المحكمة المختصة سلطة الحكم بالبطلان من تلقاء نفسها إذا تضمن الحكم ما يخالف النظام العام أو تناول مسائل لا يجوز التحكيم فيها، وأتاحت للمحكمة وقف إجراءات الإبطال مؤقتًا لمنح الهيئة فرصة لتصحيح الشكل دون المساس بجوهر الحكم.
حددت المادة الثانية والستون الإطار الزمني لرفع دعوى البطلان، بحيث يجب تقديمها خلال ستين يومًا من تبليغ الحكم، مع السماح بالطعن في حكم المحكمة المختصة أمام المحكمة العليا خلال ثلاثين يومًا من تاريخ التبليغ.













