إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا.. زلزال محتمل وزلزال واقع!
رأينا، والعياذ بالله، ما تصنعه الزلازل في الدنيا بالحجرِ والبشر، يموت أناس ويتشرد آخرون من منازلهم. هذه الزلازل تقع عادة في أماكن محددة من الأرض، لا في الأرض كلها! وأقصى ما في مقياس ريختر هو رقم 10 يوصف بأنه خارق ولم يحدث بفضل الله حتى الآن ونرجو أن لا يحدث. ولعلها مسألة وقت قبل أن يطور البشر تقنيات تنبأ بحدوث الزلازل ويبتَكروا تصاميم بناء تساعد في التخفيف من أعداد الضحايا، أما منع حدوث زلزال فذلك أمر عسير. بعض الدول الآن لديها مقدار معقول من التقنيات ووسائل الاستعداد في حال أن حصل زلزال.
لكن الله يتكلم عن يومٍ تتزلزل فيه الأرض كلها وتُخرج أثقالها ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا «1» وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا «2» وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا﴾ [سورة الزلزلة]. ما يعني أن الأرض بأجمعها تهتز في ذلك اليوم «خلافًا للزلازل العادية الموضعية». في ذلك الجو المشحون بالرهبة والفزع، تصيب الإنسان دهشة ما بعدها دهشة فيقول في ذعر: ما لهذه الأرض تتزلزل؟ لماذا تهتز وتلقي ما في باطنها من كنوز وبشر ومواد ذائبة؟
ولكم أن تتخيلوا مقياس الرعب الذي تحدثه الزلزلة في عقول وقلوب البشر. مقياس لا يمكن أن تتصوره عقولنا. في الدنيا تَتكثف جهود الإغاثة، فما أن يحدث زلزال إلا وتنبعث الجهود من كل مكان إلى وجهة حدوثه؛ المأوى المؤقت والمأكل والدواء وأدوات البحث عن أحياء بين ركام المباني. أما في الآخرة فليس إلا من عامل أغاثة واحد وهو رحمة الله التي يصيب بها من يشاء من عباده، تصيب المؤمن العامل ولا تصيب الكافر الجاحد ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ «7» وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾. فلو أن الإنسان يدرك ببصيرته حجم زلزال يوم القيامة لم يعد ينساه. هذا الزلزال واقع حتمًا وهناك ملجأ وعاصم واحد وهو الله سبحانه وتعالى، الذي إليه يفر جميع العباد ويلجؤون إلى حصنه المنيع الذي لا تقوّضه الزلازل.
زلزال محتمل على الإنسان العاقل أن يعد له العدة في أماكن احتمال وقوعه ويعد له ما استطاع من وسائل الحماية، وزلزال واقع حتمًا يوم القيامة يشمل الأرض كلها عليه أن يستعد له. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾، من هول هذا الحدث تحصل الأشياء العظيمة التالية: تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حملٍ حملها، وترى الناسَ سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. والكلام لعموم ”الناس“ وليس مكانًا جغرافيًا أو بلدًا بعينه أو مؤمنًا أو كافرًا!
الحديث يطول، بترته واختصرته لكم خوفَ الإطالة. ويستطيع القارئ الكريم والقارئة الكريمة أن يطلع على تفاصيل الزلزال المؤجل والمحتوم من القرآن الكريم، لكننا - جميعًا - في شبه غيبوبةٍ عنه!