ثمَّ انقضت سنةٌ كاملة!
في هذه السنة كنت سعيدًا في صحبتكم، وكنتم أكرمَ أصحاب! أعطيتموني لحظاتٍ من أوقاتكم السعيدة والثمينة، كلمات لطيفة ومشاعر طيِّبة، وها أنا ذا أبادلكم ذاتَ المشاعر وأطيب، على أملِ اللقاء غدًا!
غدًا أو بعد غد تموت سنةٌ وتولد سنة! نكبر معًا، نفكر في الماضي ونتطلع إلى مستقبلٍ أشد بياضًا وأكثر إشراقًا، غدًا تهمس في آذاننا سنةٌ جديدة: تعالوا وعانقوا الشمسَ واشربوا من كأسِ الحياة، تعالوا نعمل ونفكر ونصنع وندرس ونبدع، يا لها من حياة! جرعةٌ من التفاؤل ما قتلت أحدا! عنه «صلى اللهُ عليه وآله»: ”لو جاء العسرُ فدخل هذا الجحر، لجاء اليسرُ فدخل عليه فأخرجه“.
سنة هجريَّة كاملة - 1443 - مرَّت سريعًا مثل ظلّ طائر، تواصلنا، اختلفنا، تحاورنا، بصمتٍ وهدوء! وإن كتبَ الله لنا عمرًا نبقى على الودّ والوصال! في هذه الآونة التي تكثر فيها الأصوات النشاز مثيرةً للإشمئزاز، نكون جميعًا الصوتَ المريح الهادئ. ننظر إلى ما يجمع ونمر على ما يفرق مرور الكرام، ننظر في الإيجابيَّات ونترك السلبيَّات.
من لم يشكر المخلوقَ لم يشكر الخالق! شكري العميق لمن صحَّح ونشر، من قرأَ، من ردَّ وكتب، من انتقد، وأكثر الشكر لمن يوقد في رأسِ غيره فكرة، ويضيء له الطريق، وهؤلاء هم النَّاس من حولنا! أما شكرنا - جميعًا - الذي لا يقرب منه شكر فهو لله الذي أمدَّنا بكل نعمة وطاقة وعلَّمنا ما لا نعلم!
تأمل أيَّها الكاتب والكاتبة والقراء الأعزاء: لا تظنّ أنك إذا كتبتَ في صحيفةٍ يرأسها جارك، الذي يشاركك الرأيَ والفكر، أنك تكتب إلى جيرانك ومن يطلّع على ما تكتب هم جيرانك فقط! أصبحَ العالم قطعةً واحدة متصلة، لم تعد تفصله بحار ومحيطات. لا بدّ للفكرة أن تسافر خارج حدود الحيّ والحارة والقرية والمدينة، إلى العالمِ الأرحب. نفكر في البعيدِ قبل القريب ليعلم النَّاس أنّ فينا مثقفين، أصواتًا جميلة، أقلامًا مبدعة، أذهانًا متوقدة، رسل مودَّة وسلام! نعطي صورةً ناصعةً عن ناسِ القطيف، عن طيبتهم، عن زكِيّ مغارسِهم ونصاعة أفكارهم!
كانت أمي - رحمها الله وأمهاتكم - تقول: الكلمة الزينة والكلمَة الشينَة من بوزٍ واحد! البُوز: الفم وما حواليه. والجمع: أبْواز. اليد تساعد وتقتل، الرِّجل تسعى إلى المساجد وإلى الخمارات، القلب يحبّ ويبغض ويعادي، نحن من يختار! ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ ، كما يحيي الماءُ البلدَ الميت ويسقي اللهُ منه أنعامًا وأناسيّ كثيرًا، بالكلامِ الطيِّب تحيا القلوب!