عندما تختار البنت الوظيفة على الرجل!
لم يكن الزواج يومًا من الأيَّام كاملًا شاملًا لحاجة كلّ الأزواج، حلوًا شهيًّا مثل جرَّة عسل! ولا أظن إلا أنه في كلّ فترةٍ من فترات التاريخ كان فراق وطلاق بين بعض الأزواج، بعض الحالات دونها التاريخ وأغلبها لم تدون. في أكثر الحالات الزواج عملية توافقية، خذ السيء مع الجيد!
في هذه الآونة، كثر الطلاق، تحرر الكثير من التزاماتِ الزوجيَّة وتعاملوا مع عقد الزواج كما لو أنه عقد استئجار شقَّة سكن أو دكان، إلا أن الزواج أيضًا يتعرض إلى تشويه وتقليل من قيمته في شعاراتٍ يضخمها انتشار الأخبار وتداولها بين النَّاس عن الحالات السلبيَّة، فلانة طلقها زوجها بعد يوم، فلانة ضربها زوجها، فلانة فعل زوجها بها الأفاعيل! أخبار لعلها ”صحيحة“ لكنها مضخَّمة، وأغلب الفاعلين رجال!
أغلب وأعمّ الرِّجال أوفياء كرماء، يكدون على عيالهم، يحبون زوجاتهم، يقومون بأعباء الزواج وزيادة! هؤلاء الأزواج لا نسمع عنهم لأنهم حالات طبيعية، ليست شاذة! في مجتمعنا أزواج وزوجات يتشاركون الحلوة والمرَّة، عشرات السنين، وإن تخللها مرارة، فذلك طبع الحياة! أغلب النساء أيضًا ودودات، يتعاملنَ بحكمة في حال اهتزاز استقرار الزواج، بعضهن يصبرن ويشاركن ويعالجنَ بكل أناةٍ وروية. تنتهي المشاكل بالصبر والحكمة، وإن كان من طلاق فذلك أيضًا أحد الحلول التي أجازها الله!
ليس جيدًا أن نزرعَ في عقول بناتنا ونغذي الفكرة السلبيَّة عن الزواج وعن الرجال! لحد تفضيل الوظيفة والمستقبل على بيتِ الزوجية الطبيعيّ، الذي في الغالب يكون سعيدًا، بإذن الله، متى ما توفرت النيَّات من الزوج والزوجة والمحيط العائليّ والمجتمعي. علينا أن نبحث - في الجذور - أين فشلت بعض الحالات؟ كيف نتحاشاها؟ كيف نجعل هذه المؤسسة مستدامة وسعيدة؟
لو خفنا أن الطائرةَ تسقط والسيارة تتعطل ما سافرنا، لو اعتقدنا الفشل في الوظيفة ما عملنا، لو خفنا من حوادث الطريق ما خرجنا من دورنا! إذن لماذا نضع في اعتبارنا الفشل في الزواج لأن من الرجال جلف غليظ الطبع غير منصف، ومن النساء فاشلات؟
سل عن عدد سنوات زواج جيراننا وأهل حارتنا، تجد بعضها نصف قرن، أو أكثر، ولأن ذلك طبيعي جدًّا، لا تذكر هذه الحالات ولا يحتفى بها. أما عكس ذلك هو الذي يظهر ويتصدر الواجهة، تمامًا مثل نصف الكأس الفارغ!
خلاصة المرام: لا نكبر الحجر! ينبغي تَصغيره وتفتيته قطعًا صغيرة، ننظر إلى نسب النجاح المبهرة بدلًا من التركيز - دون حلّ - على ما قد يحصل وما قد يكون، وما في باطن الغيب من مجهول! خذوا بأسباب النجاح وتوكلوا على الله تنجحوا!