|
|
شكلت «مجزرة الدالوة» التي وقعت في قرية الدالوة بالأحساء في ليلة العاشر من محرم الحرام على حسينية المصطفى منعطفاً خطيراً في تاريخ المنطقة وتطوراً نوعياً في محاولة تصعيد الاحتراب الطائفي في المملكة العربية السعودية وعلى مستوى المنطقة العربية التي تعيش حرباً طاحنة تقودها التيارات التكفيرية المتطرفة، مما دق ناقوس الخطر على مستوى الأمن وكذلك على مستوى الخطاب الإعلامي المحرض على القتل والتكفير على مدار عقود في وسائل الإعلام المحلية والكتب الرسمية والمناهج الدراسية.
وقد توالت ردود الأفعال الرسمية والدولية والدينية والمحلية من أعلى المستويات ومختلف الشرائح والتوجهات على هذه المجزرة التي راح ضحيتها عدد من الشهداء والمصابين، كما تناولتها الصحافة والإعلام بزخم كبير من جوانب جمة برز فيها مناقشة الأسباب وطرح الحلول لتفادي تكرارها حيث، كما برز أيضاً قراءتها في سياق الأحداث على مستوى الإقليم ووضعها في إطارها التاريخي والجغرافي والاجتماعي للوصول إلى رؤية واضحة حول ما يمكن أن يحدث من تطورات بعدها في حال عدم معالجة الأسباب المؤدية إلى الإرهاب من التحريض والتكفير.
ولما لهذه الآراء والنظريات والقراءات والإدانات من أهمية رأيت من الضرورة أن تجمع في كتاب واحد يصدر في أربعين الشهداء رضوان الله تعالى عليهم، فلا شك أن هذا الكتاب سيكون بمثابة هيئة استشارية للجهات الرسمية وغير الرسمية في معالجة الوضع الطائفي في البلاد، وسيكون مستنداً يفيد من يريد قراءة هذا الحدث من جوانبه المتعددة، خصوصاً إذا اعتبرنا أن اختلاف وجهات النظر فيه عامل قوة، فهو ملون بألوان الوطن المتنوعة.
وقد اعتمدت في جمع مادته على وكالات الأنباء الرسمية وعلى الصحافة المحلية والمواقع الشخصية للكتاب، ما عدا القليل منه الذي فرغته من مستندات صوتية كالقصائد الشعرية التي لم أتمكن من الحصول عليها نصاً، وهنا أتقدم بالشكر الجزيل لأخي الحبيب ابن خالتي الصحافي السيد محمد النمر الذي بذل وسعه في إمدادي بكل ما فاتني جمعه من بيانات، فهو متتبع دقيق لكل شاردة وواردة في الصحافة قبل دراسته لهذا الاختصاص.
كما لا يفوتني أن أشكر الصديق العزيز ابن الدالوة البار السيد علي واصل العلي الذي أعانني في التواصل مع الإخوة الأعزاء في اللجنة المنظمة للتشييع وتسليمهم نسخة مسودة من هذا الكتاب في العاشر من صفر. والجمع في هذا الكتاب لم يستبعد رأياً لكاتب أو محلل لأن الغرض من جمعه هو جمع الآراء بكل خلفياتها الثقافية ليتمكن من يطالع فيه من «جمع العقول إليه» كما يعبر أمير المؤمنين .
والله أسأل أن يكون هذا العمل خالصاً له، وأسأله تعالى أن تمتلئ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً وأن يتغمد الشهداء الأبرار في زمرة شهداء الطف.. إنه سميع مجيب.
يوسف النمر
مدينة دنفر/ الولايات المتحدة الأمريكية
الثامن من صفر المظفر 1436