آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:08 ص

الدكتورة منى علي النزر، معلم من معالم الكمال الإنساني

في مثل هذه الأيام، وقبل أحد عشر عاما، أفلت شمس من شموس العطاء الإنساني المشعة بأنوار العطاء، ففي اليوم الأول من شهر ذي القعدة عام 1433 رحلت إلى عالم الآخرة الدكتورة التي كانت تمثل المعنى الحقيقي للإنسانية في أعظم معانيه وأعلى تجلياته.

امرأة بحجم أمة.

إنها الدكتورة الفاضلة، منى النزر، أعلى الله درجاتها في جنان الخلد.

ولدت د منى بالمبرز، ودرست فيها الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وكانت متألقة علميا، حيث كانت الأولى في الثانوية العامة.

بعد ذلك انتقلت مع والدها وعائلتها إلى الدمام، ودخلت كلية الطب، وتخرجت بمرتبة الشرف الأولى حيث كانت الأولى على دفعتها.

تزوجت في سنة الامتياز من د. حسين السعيد، استشاري أمراض دم، وأنجبت منه ثلاثة أبناء: طبيب ومهندسان، وثلاث بنات: طبيبتان وبنت صغرى تدرس في المرحلة الثانوية حاليا.

حصلت على اختصاص علم الأمراض النسيجي وتخصص دقيق في علم أمراض الكلى وأمراض الكبد، وكانت الأولى في هذا الاختصاص من بين بنات المنطقة.

نالت درجة الاستشارية عام 2000.

لها نشرات طبية في مجلات محلية ودولية.

اهتماماتها الدينية:

كان لها ارتباط شديد وعميق بالقرآن الكريم، فقد حفظت القرآن كاملا، وعملت في دار القرآن بالقطيف، حيث شاركت في الدار معلمة للقرآن الكريم، حيث كانت تولي القرآن اهتماما كبيرا.

كذلك التحقت بالحوزة العلمية لدراسة العلوم الدينية.

حجت 4 سنوات.

زارت الإمام الرضا أكثر من 7 مرات.

زارت الإمام الحسين أكثر من مرتين، أو على الأقل مرتين.

خرجت من نصف ما تملك من أموال، عندما أصيبت إحدى بناتها بأحد الأمراض المستعصية، فنذرت لله أن تخرج ذلك المبلغ من المال إن شفيت ابنتها، وبعد أن تم الشفاء وفت بنذرها، وأخرجت من نصف أموالها.

عندما كانت في أيامها الأخيرة، كانت تنتابها غيبوبة كبدية، ولكنها مع ذلك كانت تفيق في أوقات الصلاة، وتنبه من حولها لدخول وقت الصلاة.

د. منى الأم والزوجة:

التحقت بعد إنهائها دراسة الطب العام، باختصاص طب العيون، ثم رأت أنه يشغل جزءا كبيرا من وقتها، فعزفت عنه لتلتحق بعلم الأمراض النسيجي كي تتفرغ لأسرتها، مع أنها كانت متألقة فيه.

كانت تمثل دور الأم العاملة بتوازن، حيث كان عملها لا يضر بدورها في التربية والحياة الزوجية.

عبر عنها زوجها أنه بفقدها فقد الزوجة والصديقة الحميمة والمستشارة القديرة، التي كان يستنير برأيها الثاقب في جوانب مختلفة.

الدور الاجتماعي الدكتورة منى:

لها نشاط ثقافي وديني حيث كان لها ملتقى في بيتها باسم سفينة النجاة، يبحث في الأمور الدينية والاجتماعية.

في ملتقى سفينة النجاة، تم مناقشة كثير من المشاكل الاجتماعية والحياتية نحو اختيار الزوج عند البنات في المجتمع، مشاكل الزوجة الحديثة وطرق حلها، مشاكل الدخول في الأسهم وقتها...

كذلك كانت تهتم بإحياء مناسبات أهل البيت في ذلك الملتقى.

كانت حريصة على صلة الرحم.

قامت بدور إصلاح ذات البين في محيطها عدة مرات.

كانت تنفق أموالها بسخاء في أعمال الخير والبر.

شاركت في بناء حسينة أم البنين بالجش.

كما أن لها تبرعات سرية بينها وبين الله سبحانه وتعالى، لا يعلم بها حتى زوجها، مع شدة قربها منه.

لها شهريا صدقات لفقراء العائلة في من جهة عائلتها وعائلة زوجها.

ومن جوانب اهتمامها بالآخرين، أنها أوصت أن تحج عاملة منزلها الإندونيسية على حسابها، حيث خدمت معهم فترة طويلة.

الدكتورة منى النزر أنموذج عال ومتميز للطبيبة المؤمنة التي تحمل رسالة إنسانية عالية في محيط بيتها وفي خارجه.

حقا، لقد كانت شخصية د منى أنموذجا متميزا، وقد وصفها أحد الزملاء الذين كانت تعمل معهم، وهو د سائد الفارس بقوله:

ورحم الله الدكتورة المؤمنة رحمة الأبرار، لم أجد للآن أي ”طبيبة إنسانة“ جمعت الخصال الطيبة والأخلاق والعلم كما جمعت وتفردت به الدكتورة منى.

رحلت عن الدنيا الفانية، ولكن لا زال عبق شذى ذكراها يضوع بيننا.. حقيقة إنسانة لم ولن أنساها لا بالأمس ولا اليوم ولا حتى آخر يوم في حياتي."

وهذه الصفات التي مدحها بها د سائد، يتفق معه كل من عاشر د. منى، فهناك شهادات إشادة بتميزها وتميز سلوكها وسمو أخلاقها وتواضعها، وتفانيها في إسعاد من حولها، كل حسب حاجته، فلقد كانت نورا قرآنيا يسير على الأرض.

انتقلت لجوار ربها في عمر 49 سنة، في اليوم الأول من ذي القعدة، عام 1433 بعد معاناة سنتين وأربعة أشهر من مرض سرطان البنكرياس.

لها تنبؤات واستقراءات مستقبلية منها على سبيل المثال، أنها قالت لن تعيش ولا ترغب بان تصل إلى سن الخمسين سنة.

وقالت إنها قالت لزميلاتها وهم يدرسون الباثولوجي أنها ستموت وتصاب بالمرض الذي توفيت به.

ومع ازدياد معاناتها مع المرض كانت روحها تزداد إشراقا وإيماناً بالله سبحانه وتعالى، ولم تنقطع عن ذكر الله الذي كان أنيسا لها طيلة حياتها.

رحمها الله رحمة الأبرار، ورزقها منزلة الشهداء والصديقين وعباد الله المخلصين، الذين أحب الله سبحانه وتعالى أن يكونوا إلى جواره، وهم في عمر قصير.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
ايو حسن
[ العوامية ]: 25 / 5 / 2023م - 6:34 م
الطيبون في هذه الدنيا اثارهم مخلدة بعد رحيلهم عنها وهم خالدون مع النبي الاكرم واله الطاهرين والصالحين في الاخرة .
الله يرحمها ويغفر لها وان شاء الله تكون لزوجها واولادها و لمحبيها شفيعة يوم القيامة
استشاري طب أطفال وحساسية