آخر تحديث: 12 / 12 / 2024م - 6:47 م

حتى القراءة بحاجة إلى تدريب

يوسف أحمد الحسن *

نعم حتى القراءة تحتاج إلى التدرب عليها؛ فالقراءة مستويات متعددة كما الرياضة، فلا يكفي أن نقول إن شخصًا ما رياضي يمكنه أن يمارس أي نوع من الرياضة. فكما أن هناك رياضة المشي البطيء هناك الهرولة والجري، وأنواع الرياضات الأخرى ككرة القدم وكرة اليد والطاولة ورياضات ألعاب القوى.

ليس من باب الترف ولا رغبة في تصعيب الأمور على القارئ، لكن من غير المناسب أن يبدأ قارئ مبتدئ بقراءة نص صعب أو طويل أو لا يتناسب مع قدراته القرائية؛ فقد يترتب على ذلك آثار سلبية تضره من حيث ظن أنه يريد النفع. فكما يحصل في عالم الرياضة حين يصاب اللاعب بشد عضلي أو تمزق في العضلات أو الأربطة نتيجة بذل جهد رياضي كبير لا يتناسب مع قدرات جسم الرياضي، فإن للقراءة عضلات وأربطة أيضًا وفي حال عدم مراعاتها فإنها تتعرض للتمزق، وهذا ما أسميه دائمًا لياقة القراءة.

ولياقة القراءة هي الوصول إلى نقطة من القدرة على قراءة مختلف أنواع النصوص ومواصلة القراءة دون معوقات مهمة أو توقف. وهذه اللياقة لا يمكن الوصول إليها إلا بالتدرب، وعدم محاولة حرق المراحل وقراءة أي كتاب.

ومما ينصح به من أجل تحقيق اللياقة التدرج في القراءة من الكتب والمواد السهلة والمحببة إلى النفس حتى إن كانت فائدتها قليلة، ثم الانتقال إلى كتب ومواد أكثر صعوبة، وصولًا إلى أي مادة قرائية. أما عن المدة التي قد يستغرقها التحول من مرحلة إلى أخرى فيعتمد على مدى تقبل القارئ لهذا الانتقال، وهو ما يشبه تقبل الرياضي للانتقال من تمرين رياضي سهل إلى ما هو أصعب منه. كما يشبه هذا التدرج في القراءة ما يقوم به الرياضيون من تمارين إحماء وتمدد قبل بدء الرياضة الحقيقية.

بالطبع فإن هناك من لا يحتاج إلا إلى مدة قصيرة من أجل الوصول إلى اللياقة القرائية في مقابل من تطول عنده المدة، ولذلك فإن كل قارئ هو أعرف بنفسه وبقدراته، فلا يحمِّلْ نفسه أكثر مما ينبغي، فتحصل لديه ردة فعل سلبية تجاه القراءة.

لا يعرف عامة الناس كم يلزم من الوقت والجهد لكي تتعلم كيف تقرأ. لقد سلخت ثمانين عاماً في ذلك، ولا أحسبُني وصلتُ إلى بغيتي. يوهان غوته.