آخر تحديث: 6 / 12 / 2024م - 2:36 م

لا تقرأ قصيدة مترجمة أرجوك

حسين الخليفة

حَدَّثَني عن نفسي في نفسي قال
قالَ لا تقرأْ قصيدةً مترجمةً أرجوك
قالَ لا لأنَّ الترجمةَ خيانةٌ للنص
لا، لا أعني هذا
فقد يكونُ الإبداعُ في التجاوز
مثل تجاوزِ ما أرادَهُ الخَيّام
في رباعيَّاتِهِ المترجَمَةِ مِراراً
فتحْتَ ظلِّ الشجرةِ الأصلِ ماستْ خمائل
رقصتْ ورودٌ بشذاها
وأنا أكرهُ الاستماعَ إلى القصيدةِ المترجَمَةِ هذهِ الأيَّام
وأكرهُ قراءتَها
أشعرُ بالاختناقِ عندَ مرورِها في ذهني لحظةَ المرور
لا لأنِّي أكرهُ القصيدةَ المترجَمَة
ولكنَّني أكرهُ برودَتَها،
أكرهُ ثلجيَّتَها، زمهريرَها
أكرهُ خُلوَّها مِنَ الروح
أكرهُ ترجمتَها بروحيَّةِ عَصْرِ السرعة
بطريقةِ التهامِ الوجباتِ السريعة
بطريقةِ التناغمِ واقتصاديَّاتِ السوق
أكرهُ قَفْزَ المترجِمِين إلى أعلى الشجرة
دون المرورِ بساقِها مرورَ دودةِ القز
أكرهُ عصرَ السرعةِ هذا
أكرهُ ألَّا يُلاقيَ المترجِمُ روحَهُ فيما تَرجَم
أنْ يفتقدَ المترجَمُ لهُ روحَهُ فيها
وأنْ يشعرَ المتلقِّي بالوحشة
وهما معه بها يشعران
بالوحشةِ بالوحشةِ بالوحشة
بكدوراتٍ لا تُوصَفُ لا تُوصَف
لا حَرْفَ يُعَبِّرُ عن معنى موتِ الرُّوح
لا تقرأْ،
لا تُسمعْني،
أرجوك
إلا ما ترجمَهُ الصافي للخيَّام
أو مُدْهِشَ جاحِظِها الثاني
أو بعضَ تراجمِ تِلْكَ الأيَّام.