آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

الاستقرار المالي ومتطلبات الاقتصاد السعودي «3»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

ومن أهم المؤشرات في القطاع المصرفي، هي نسبة تغطية السيولة «Liquidity Coverage Ratio-LCR»، وهي إحدى معايير“بازل III”التي تهدف لتطوير أدوات المراقبة والتحوط من المخاطر، وهذه النسبة تحديداً تعنى بقياس قدرة المنشأة على مقابلة التزاماتها المالية، ومرتكز هذه النسبة هو الاطمئنان لامتلاك المصرف الموارد لاستيعاب المتطلبات في المدى القصير، وذلك من خلال الاطمئنان أن المصرف يملك ما يكفي من الأصول السائلة عالية الجودة كافية لمدة 30 يوماً.

وتطلع هذا المعيار لتطوير قدرة المصارف على تحمل الهزات، لكننا شاهدنا مؤخراً أن ثمة بنوك تمتثل لمتطلبات“بازل III”وتحديداً لمعيار نسبة تغطية السيولة لكنها سقطت، فمثلاً قيمة تلك النسبة عند سقوط بنك“كريديت سويس”كان تقريباً 150% كما في 14 مارس 2023 «وفقاً لتقرير صادر عن المصرف نفسه»، لكن المصرف وقع عندما انهار سعر سهمه في سقوط رأسي تطلب تدخل السلطات المصرفية السويسرية.

وكان ذلك محصلة“لتضعضع”هيكلي نَخَرَ في البنك على مدى سنوات. لكن حالة مصرف“سيليكون فالي”لم تكن كذلك، فطبقاً لدراسة صدرت عن جامعة“ييل”«Yale»، قدرت قيمة نسبة تغطية السيولة في نهاية 2022 بنحو 75 بالمائة أي دون ما كان يٌفترض «100 بالمائة». لكن علينا تذكر أن الكونجرس كان قد أعفى المصارف الصغيرة «بأصول بين 50 مليار دولار-250 مليار دولار» من الالتزام بمعيار تغطية السيولة!

الخلاصة هي أن تغاضي السلطات الإشرافية والرقابية عن الالتزام بمعايير التحوط والحذر «prudence» ساهم في وقوع المصرفين أعلاه في نهايتين مريرتين، هزت النظام المصرفي السويسري ولفحت النظام المصرفي الأمريكي بحُمى مُربكة.

النقطة هنا أنه في مناسبات عديدة الخطأ قد لا يكون بسبب عدم التزام المصرف بالمعايير، بل بعدم صرامة الجهات الاشرافية في فرض المعايير بحزم ناجز. وتحديداً، لكانت السلطات السويسرية أكثر صرامة في الحد من سلسلة المشاكل التي عايشها المصرف السويسري الشهير، ولكانت متطلبات تغطية السيولة أعلى كثيراً في مصرف“سيليكون فالي”، التي كانت 75 بالمائة في حين أن المطلوب من المصارف الأمريكية الرئيسية هو 125 بالمائة!

«يتبع»

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى