آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

الاقتصاد بين انخفاض معدل التضخم وارتفاع سعر الفائدة «4»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

فيما يتصل بتثبيت سعر صرف الريال السعودي بالدولار، فالأمر أعمق مما تراه العين؛ إذ أن ارتباط السياسة النقدية للريال بالسياسة النقدية للدولار يعني تقاطعاً يؤثر على جوانب مفصلية من رؤية المملكة 2030:

«1» تكلفة رأس المال: فعندما يقرر الاحتياطي الفدرالي رفع سعر الفائدة على الدولار لأسباب داخلية تتعلق بالاقتصاد الأمريكي، فيرفع البنك المركزي السعودي الفائدة على الريال، رغم أن حاجة الاقتصاد السعودي هي الحفاظ على سعر فائدة منخفضة رغبةً في الإبقاء على تكلفة رأس المال متدنيةً تحقيقاً للبيئة المواتية لاستقطاب المستهدف من الاستثمارات «12 ترليون ريال: 5 ترليون برنامج شريك، 3 ترليون صندوق الاستثمارات العامة، 4 ترليون استثمارات مستقطبة من القطاع الخاص وفق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار»، فتكلفة المرتفعة لرأس المال ولأداء الأعمال لا تساعد في تحقيق ذلك.

«2» الدولار القوي: وعندما يقرر الاحتياطي الفدرالي اتباع سياسة الدولار“القوي”لاعتبارات تتعلق بالتجارة الخارجية الأمريكية، فعلى الريال السعودي مجاراة ذلك القرار بحكم أن سعر صرفه ثابت أمام الدولار، في حين أن حاجة الاقتصاد السعودي هي الحفاظ حتى العام 2030 على“دولار ضعيف”لأن في ذلك تحقيقاً للاستراتيجية الوطنية للتصدير ومستهدف رفع الصادرات غير النفطية إلى 50 بالمائة من الناتج المحلي غير النفطي في العام 2030، وتحقيقاً لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للسياحة، التي تستهدف استقطاب 100 مليون سائح، وبالتالي فإن الدولار“القوي”لا يساعد في تحقيق ذلك، إذ أن تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 يتطلب دولاراً «وبالتالي ريالاً»“ضعيفاً”، فذلك يجعل صادراتنا أرخص للمستوردين وسياحتنا أقل تكلفة للزائرين. لكن ما ينبغي أن نَفطن له هو أن الدولار وصل أعلى مستوى له منذ عام 2000، فقد ارتفع بنسبة 14 بالمائة أمام سلة من العملات الرئيسة، وتحديداً 22 بالمائة مقابل الين، و13 بالمائة مقابل اليورو، و6 بالمائة مقابل عملات الأسواق الناشئة في العام 2022. هذا“الدولار القوي”لا يعزز الاستقرار الذي تنشدهُ العملات المرتبطة بهِ.

«3» الدولار عملة مُعَوَمَة: فوق ذلك ينبغي ألا يغيب عن الذهن أن الدولار نفسه هو عملة“مُعَوَمَة”؛ تهبط وتصعد تبعاً للعرض والطلب في أسواق الصرف، وهذا الوضع نتج منذ التوقف عن تثبيت سعر الدولار أمام الذهب في العام 1973، ما يعني ان الدولار عملة تستمد قيمتها من المكانة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية، ولذا فهي عملة رئيسية للتبادل التجاري «40 بالمائة من تجارة العالم» وكذلك فحوالي 50 بالمائة من أدوات الدين عالمياً مقومة بالدولار. ومع كل ذلك فالدولار عملة تدار - في الأساس - وفقاً للأوضاع الداخلية للاقتصاد الأمريكي.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى