آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 9:00 م

شكرا جمهورية الصين الشعبية

عبد الرزاق الكوي

تتوالى ردود الفعل على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي على خبر الاتفاق السعودي الإيراني واستئناف إعادة العلاقات الدبلوماسية، التبريكات من كل حدب وصوب حالة من الأفراح معتبرين هذه الخطوة باتجاه الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ولها تأثيرها على النطاق الدولي، وانعكاس هذه العلاقة على كثير من القضايا المشتركة بين البلدين الجارين وكذلك قضايا المنطقة لما للدولتين من ثقل سياسي واقتصادي على المستوى العالمي، حيث تنعكس هذه العلاقة في زيادة الوئام بين البلدان الإسلامية وأمنها واستقرارها ورخائها الاقتصادي.

هذه الاتفاقية المباركة تبين الدور المتنامي لجمهورية الصين الشعبية وبناء علاقاتها مع دول العالم والقبول بهذا الدور لشريحة كبيرة من الدول، وهذا نجاح للدبلوماسية الخارجية، حيث بدأت تعمل بشكل حثيث على بناء تفاهمات واستراتيجيات ليكون لها قبول كراع لمثل هذه الاتفاقيات، وان لهذا التقارب وصناعة التفاهمات المشتركة من نتائج ومصالح عديدة تعمل على الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني بعيدا عن ثقافة التوترات وإشعال فتيل الاختلافات من أجل مصالح خاصة عانت منها البشرية من حروب واختلافات وقطع علاقات. بدأت الصين كلاعب محترف وهادئ ودون بهرجات إعلامية يمشي بخطوات واثقة من أجل خلق واقع من المشتركات الجماعية كرؤية عالمية تنظر للمستقبل بغد أفضل وواقع أجمل، وتنمية مستدامة يتحقق فيها السلم العالمي مما ينعكس على الاقتصاد بين البلدان المتفاهمة والمنطوي تحت راية عالم يتم بناؤه بمعايير عالمية جديدة تدعو لمزيد من التآخي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وان وجد بعض الاختلافات في وجهات النظر هناك قنوات لحلها من قبل دول تسعى إلى عالم أفضل ومشاركة مع تلك الدول في علاقات صداقة متينة مشتركة.

الصين اليوم لها موطئ قدم على المستوى العالمي تبرز كقوة عالمية لها شأن واحترام بدورها الفاعل ومواقفها وحسن علاقاتها وما تقدمه من مشاريع ومساهمات ومساعدات لكثير من دول العالم، هذا الاتجاه بني على المصداقية والموثوقية واحترام الآخر كشريك لهم مصالح مشتركة بعيدا عن النظرة الأحادية المقيتة التي جلبت المآسي والويلات على المستوى العالمي، إن لم تكن منطويا تحت أوامري فأنت ضدي.

قبل الإعلان عن الاتفاق المبارك قدمت مشروعا من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا، وهذا دليل على سعيها من أجل تقارب وجهات النظر وأن يعم السلم على كثير من هذه الأرض البائسة في حروب مفتعلة تعمل على خدمة أجندات عالمية لها مصالح مشبوهة، حروبا في زمن العالم يتجه فيه إلى انحدار معيشي وتعثر اقتصادي دول تعمل على القتال بالوكالة لآخر جندي من الدول المستخدمة لمثل هذه السياسات.

العالم يعيش على أمل أن تنعم فيه البشرية بعالم متعدد الأقطاب ذات علاقات جادة وصداقات مخلصة والبعد عن ثقافة القطب الواحد الذي بدأ في التقوقع والتراجع ببروز قوى عالمية جديدة تحمل راية التعددية والمصالح الاقتصادية وانعكاسه على مجمل السياسة العالمية، تكون التنمية العامل الأول له.

فالمشتركات كبيرة وعديدة بين دول العالم إذا وجدت الحكمة في التصرف والتعقل في اتخاذ القرارات المصيرية، والعمل على تفعيل تقارب وجهات النظر بدلا من «فرق تسد» هذه الخطة الجهنمية الذي سادت السياسات العالمية زمنا طويلا. الصين تعمل عكس هذا الاتجاه ولهذا يحارب دورها وتحاك ضدها العقوبات وتحاول قوى عالمية فتح جبهة تشغلها بتفعيل قضية تايوان لتنشغل جمهورية الصين عن دورها العالمي المتنامي وتستمر حالة الهيمنة على العالم من تلك القوى الذي تنظر لمصلحتها الخاصة فقط.

على أمل أن يسود هذا المنطق وهذه الاستراتيجية وهذا الفكر على أكثر من ساحة، فهذه دولة روسيا تعمل على تقريب وجهات النظر السورية التركية في إنجاز آخر على الساحة الدولية كثير من المخلصين تواقون لمثل هذا التوجه وقليلون اليوم من يخيم الحزن عليهم عندما يعم السلام وروح التقارب وفك الاشتباك، تسود حالة من المحبة والوئام باحترام كل بلد لخصوصياته وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلد آخر.

العالم يتجه شرقا في إشراقة إنسانية وأمنيات أن يعم السلام العالم مع جزيل الشكر للعمل المخلص والفاعل في تنقية الأجواء لكلا من دولة العراق ودولة عمان على دورهم الجاد والحكيم في تقارب وجهات النظر مع إتمامه من قبل دولة الصين الشعبية، وأدوار أخرى تنتظر الخارجية الصينية في كثير من القضايا العالمية والسعي إلى تشييد عالم جديد تسوده العلاقات المشتركة.