آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:39 م

المثقف والوعي

المهندس أمير الصالح *

كيف تميز بأن شخصا ما مثقف أو غير مثقف؟

هل تميز المثقف على أساس:

1 - عدد الكتب التي يقرؤها ويقتنيها في مكتبته أو

2 - باللقب الطويل الذي يتصدر اسمه، أو

3 - بالأوسمة من عدد الشهادات التي حصل عليها، أو

4 - من طريقة كلامه وأسلوب تعليقه، أو

5 - كثرة استخدامه للمصطلحات الإنجليزية والفرنسية عند تحدثه، أو

6 - بإنتاجه الأدبي والفكري العميق والرصين، أو

7 - بعدد صفحات الأوراق والروايات التي كتبها دون النظر للمحتوى وأهداف المحتوى، أو

8 - سرعة الاستيعاب، أو

9 - حسن التحليل للمشهد العام في عالم الواقع، أو

10 - حسن الأدب واللباقة والكياسة عند الإنصات وعند التحدث والتعامل مع الآخرين، أو

11 - بكثرة التغريدات في تويتر ومقاطع اليوتيوب، أو

12 - بحضوره المنتديات والندوات والدورات والتصوير فيها، أو

13 - الظهور الإعلامي في قنوات تلفاز فضائية، أو

14 - فرص أفضل للتوظيف بمراكز مهنية أعلى، أو

15 - فهم أفضل للحياة والمجتمعات والقوانين أو

16 - الفضول العلمي والقراءة الكثيرة

إذا كان كل ذلك قد اشتمل عليه مصطلح مثقف فإن الشخص الواعي تشتمل خصاله ما يفوق ذلك كله ولنقل الشخص الواعي لديه المعرفة وحب البحث عنها وتمحيص الصواب وطرق تفكير منظمة ومهارات متعددة واستيعاب سريع وتفاعل مجز وتشكيل قرارات رصينة. المثقف قد يكون ذكيا في استيعاب بطون الكتب واجتياز الاختبارات الرسمية ولكن الشخص الواعي يفوق كل ذلك ليشمل أيضا الذكاء العاطفي والذكاء العقلي. فنرى الشخص الواعي ذكيا في التعامل معا لأفراد والمحيط والزمان والمكان والظروف في المنزل والشارع والعمل والسفر وحيثما كان مع كامل الالتزام بالقيم والأخلاق وصون الكرامة وحسن قراءة ما بين السطور ووضع النقاط على الحروف والمضي نحو الإنجاز. فكم مثقف أو مدعي الثقافة يتخبط في إدارة حياته وحياة من هم حوله، وكم شخص صاحب وعي ولا يحمل أي شهادة علمية رسمية ولكنه ناجح في الحياة وحكيم في قراءة صفحات زمانه في حاضره وإدارة دفة حياته بدرجة تجعل الآخرين يشيرون إليه بالبنان إعجابا به.

نعم هناك مثقف حقيقي ومثقف قشري. وشخصيا أؤمن بأن الشخص المثقف حقا، هو الشخص المتعلم الحقيقي ”تعليم رسمي/ تعليم ذاتي“ والقادر على اكتساب المعرفة التي يحتاجها للوصول إلى أهدافه ورسالته في الحياة. هل أكثر أبناء مجتمعك من أهل الوعي أو من أهل الشهادات والنياشين الأكاديمية أو من أهل إعادة إرسال مقاطع الفيديوهات بغثها وسمينها؟ وهل تعتقد أن أولئك أو بتلكم الشخصيات أو بمحاكاة هذه الشخصيات أو بطرحها نماذج، ستصل أنت وأنا ونحن إلى محطات السعادة والبناء والعمل والمثابرة أم أننا سننغمس في دوامة البؤس والتقوقع والكآبة والفقر والانعزال والسوداوية والموت! لقد تعلمنا من آبائنا وأجدادنا الغير ”حائزين على أي شهادات تعليم رسمي“ فن إدارة شؤون الحياة أكثر مما تعلمناه من مقاعد الجامعات وأصحاب الشهادات الأكاديمية. فخوض صراعات الحياة أكبر مدرب ومعلم وصانع للقيادات لمن أراد أن يعي ويثقف نفسه.