آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

الاستحقاقيون

وسيمة عبيدي * صحيفة اليوم

تذكرتُ قصة حدثت لي مع أحد رؤسائي حين قابلته لطلب ترقية بأدب شديد بعد أن حصلت على درجة علمية جديدة وعملت بجهد في تلك السنة. ما زلت أتذكر كلماته عندما قال لي: «ما الذي يجعلك تعتقدين أننا ملزمون بترقيتك لمجرد حصولك على درجة علمية جديدة؟»، كان ذلك هو نفس الشخص الذي سمعت كامل الإدارة صوت صراخه عندما قابل رئيسه للحصول على ترقية مع أنه لم يُقدم أي جديد!

يُولد الطفل ولديه شعور عالٍ بالاستحقاق، فيبكي ليُحمل أو ليتلقى الاهتمام من والديه. وإذا كبر قليلا، يبكي للحصول على حلوى أو لعبة رغب بها. إحساس الإنسان أن له حقوقا هو إحساس فطري وطبيعي كحق الشخص أن يعيش في وطنه وحقه في الحصول على حياة كريمة، وحقه في الشعور بحب عائلته وحقه في الإحساس بالأمان، وحقه في الحصول على منزل يأويه، وحقه في أن تحفظ كرامته وأن يُعامل كإنسان، وحقه في أن يبدي رأيه وحقه في أن يطالب بحقه. وتعتبر تلك الحقوق حقوقا مكتسبة من الولادة ومسلَّمًا بها، تختلف عن الحقوق التعاقدية المشروطة التي يختبرها لاحقا في حياته. وقد أُنشئت منظمة حقوق الإنسان لما لحقوقه من أهمية كبيرة لكونه خليفة الله في الأرض.

من واجب الآباء والأمهات تربية أبنائهم والاهتمام بهم وتوفير حياة آمنة وكريمة لهم. ويقدم معظم الآباء والأمهات كل ما يستطيعون لأبنائهم فيشعر بعض الأبناء بالاستحقاق الشديد وبأن ذلك واجب عليهم لإنجابهم إياهم، كتوفير حياة مرفهة، أو شراء آخر إصدارات هاتف جديد أو جهاز محمول أو سيارة جديدة يختارها على ذوقه مهما كان سعرها أو السفر للترفيه. لكن ما لا يدركه أولئك الأبناء أن كل تلك الأشياء ما هي إلا هدايا مكلفة دفع ثمنها الآباء والأمهات من وقتهم وجهدهم وصحتهم ليعبروا عن حبهم لأبنائهم ودعمهم لهم وليست واجبات ملزمين بالقيام بها. ولذلك وجب على الأبناء تقدير تلك الهدايا وتوقير واحترام والديهم وشكرهم والشعور بالامتنان أن الله وهبهم آباء وأمهات محبين.

الاستحقاق هو شعور الإنسان أن من حقه الحصول على أي شيء يريده أو يرغب فيه، فيشعر البعض بأن لديه الحق أكثر من غيره أن تبتعد عن طريقه وتفسح له المجال ليتقدمك أو لديه الحق أكثر من غيره في أن يحصل على كذا وكذا أو أن يفعل كذا وكذا بغض النظر عن حقيقة ومشروعية استحقاقه.

الاستحقاقي هو الإنسان الذي يعتقد مخطئا أن بعض حاجاته أو رغباته حق يجب أن يحصل عليه بغض النظر عن استحقاقه الفعلي لها وبغض النظر عن سعيه من عدمه لخلق الأسباب التي تدعم وتعزز استحقاقه.

الاستحقاقيون هم أشخاص يشعرون بأن كل شيء يريدونه، هو من حقهم فعلا ويشعرون بأن العالم أجمع مدين لهم ويجب على الكل إرضاؤهم حتى وإن لم يوفوا شروط الحقوق التعاقدية!