آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

وجوه لا تنسى.. الحاجة فاطمة أحمد الشيخ ”أديبة الجيل الجميل“

حسن محمد آل ناصر *

عندما وددت الكاتبة عن تلك الرائدة والشخصية الفاضلة عادت بي الذكرى إلى أكثر من خمسة وعشرين عاما تقريبا، أجل رجعت بي إلى الايام التي تقام فيها المسابقة الرمضانية عندما كنت يومئذ ارتاد ”مكتبة الشيخ“ بالقديح الواقعة بحي الوادي القديم، وكانت بإدارة الأستاذ حسين الشيخ الذي كان يعمل بائعا فيها، بعد تخطي المسابقة يكافئ الفائزين والفائزات بجائزة ما، وقد حصلت على كتاب بعنوان «عندما تشرق الشمس».

وحين لمحته للمرة الأولى شدتني تلك المؤلفة القديحية ورحت اقرأ حتى سبرت في صفحاته بعدما طالعت الفهرس، فمالبثت ان انجز بضع صفحات حتى صادفتني تلك القصص وبهرتني بسردها الرائع، هكذا عرفت رائدة الصحافة وكانت معرفتي بها على الورق.

في تلك الفترة لم تشهد المملكة حركة نسائية تعليمية قوية بالكاد يحسبن على الأصابع، وهذه الأديبة الماهرة اثبتت فعليا ان هناك بالمجتمع دور وقيادة للمرأة في الحياة الدينية والاجتماعية والفنية والثقافة والسياسية، وقد برزت في الميادين بجانب الرجل وقفة مشرفة معلنة جدارتها وكفاءتها ونشاطها في التعبير عن قضايا المرأة بالمعنى الخاص والآراء الأخرى بشكل عام.

نظرة عابرة

هي الحاجة فاطمة بنت الحاج احمد ابن المرحوم الفاضل الحاج محمد ابن المرحوم العلامة الفقية الحاج محمد صالح ابن العلامة الفقية الكبير الحاج احمد آل طعان «حفظها الله»، ولدت بمدينة القطيف وتحديدا في القديح المحروسة ليلة الجمعة 03/11/1380ه، نشأت في كنف والدين كريمين من عائلة جل افرادها من العلماء محاطة في بيئة دين تقدس مكانة العلم والزهد والعبادة والتقى، تزوجت عام 1399ه ولها اربعة أولاد وبنت.

مراحل التعليم والمؤهلات

كانت من اوائل من تعلم في المدارس النظامية فجمعت بين الدراسة الحوزوية والدراسة الحكومية الحديثة وأتمت جميع مراحلها التعليمية فيها حتى مرحلة البكالوريوس تخصص علم اجتماع من جامعة الملك عبد العزيز بجدة في نهاية عام 1424ه انتسابا، وممن تتلمذت على يده حوزويا اخوها الشيخ عبد العظيم والشيخ محسن المعلم والشيخ محمد العبيدان والشيخ علي الفرج.

انجازات ونشاطات

عمدت على ان تواجه الحياة بمتطلبات عصرها فكان سلاحها الفكر والمداد ولم تترك جانبا من الجوانب إلا وقد طرقته مكافحة في سبيل مساعدة الآخرين للحد من تجاوز الأزمات والعراقيل، أسست منتدى ”براعم العقيدة والولاء“، قامت بتدريس تقوية في روضة جمعية مضر الخيرية مادة اللغة العربية، عضوة مؤسسة وفعاله ومشاركة في الاحتفالات النسائية في القديح والمزروع «حي الإمام الرضا »، اصدرت مجلة محليه طبع منها اثنى عشر عددا.

بعدما حصلت على العديد من الدراسات والتدريبات والمؤهلات اصبحت من اهم المعتمدات في مجال المحاضرات النسائية والفعاليات الدينية، وقد حازت على الجائزة الأولى في مسابقة البحوث في مسجد المهنا بالقديح وكان بحثها عن ”التلفزيون“، وبحثا آخر بعنوان الإمام المهدي عجل الله فرجه وقد فازت ايضا في المسابقة الآنفة الذكر.

كتب ومؤلفات

لقد كانت الأديبة الشيخ من هؤلاء العبقريات اللاتي يتركن في النفس اثرا لامعا تربويا قل من يتركه من الكاتبات حينئذٍ، فبالاضافة إلى أنها كانت تصدر مجلة وترأس تحريرها فقد كان لها في مضمار الكتابة والسرد القصصي والصحفي بحوث ومقالات تنشر في جريدة اليوم ومجلة اسرتي.

طبع لها طباعة محلية كتيبات صغيرة الحجم عبارة عن مجموعة بحوث في سير الائمة منها: الإمام علي والإمام الحسن المجتبى والإمام موسى الكاظم والإمام الرضا والإمام علي الهادي وحياة الإمام الحسن العسكري ، مثير الوجد والأنين في وفاة فاطمة بنت الحسين ”بحث مستقل عن السيدة رقية “ وبحثان عن البطالة والتلفاز.

لها كتابان كليهما في القصص والخواطر والمقالات الصحفية، فالأول اسمه «مرافئ الأمل والدموع» والآخر «عندما تشرق الشمس» طبع في بيروت سنة 1416ه.

قراءة في المجموعة الكتابية

تمتاز رائدتنا بنت الشيخ بأنها عاشت حركة النشاط الكتابي والنشر الصحفي مشاركة ممتازة في الفكر والأدب ناقدة واديبة فذه ولشدة تواضعها لا نرى لها بهرجة أو شهرة في الوقت الحالي إلا أنها كانت نشيطة وكتاباتها تشهد بذلك وهي من أوائل النسوة اللاتي كتبن بأسمائهن.

ثبتت للجيل أنها رائدة واستاذة ومن جهابذة اهل النظر وذات القلم السهل الممتنع، ففي مقدمة كتابها عندما تشرق الشمس، نقتبس منها: «والآن دعوة لكم للإبحار في مجموعتي هذه بين قصة ومقال وخاطرة ووجدان مسطرة بأقلام مدادها دماء قلبي وماء ناظري، مشحونه بعاطفة الحب نحو مجتمعي والاحتراق من أجله كي يصح ويشفى من كل سقم يصيب أفراده.... إلخ»

ان تلك الأوراق التي نسجتها رائدتنا القديرة هي بلا شك تعتبر مرحلة هامة في حياتها الاجتماعية والأدبية، فكتبها تحتوي على مقالات تعالج بأسلوب تربوي بارع، ومعركتها مع الإندماج والتطوير والانصهار يعكس مدى اهتمامها في مشاهد قصصها «مأساه أسرة» تتصاعد الأحداث ملقية الضوء على الأدمان والمخدرات والنتيجة أن هناك بشر وحيوانات في وجوه بشر تماما كما كأنك تشاهد فلم سينمائي يدهشك ويشوقك للاحداث، وغيرها من الخواطر فتجد خاطرة «الأمل الضائع» اتجاه وجداني وعمق ديني بالأمل بالله سبحانه والثقه فيه.

أما في عالم الكتابات الصحفية فهناك خطاب من المحرر للكاتبة يمدح فكرها، ومن بعض ما قال: اسلوبك مشجع وخيالك جميل يدل على موهبة والصحف ترحب بك.

في محاولاتها الصحفية وصلت للاحتراف والتي لا تخلو من المخاطرة والمبارزة في هذا العالم الخفي المملوء بالرموز والطلاسم، هي تلوج في تلك المسامات المغلقة وتفكك معادلاتها الصعبة، فلا يتوقع القارئ الكريم انني استطيع أن استخلص المغزى كله لأن مثل هذه الرائدة الكبيرة قد تجاوزت طبيعة ما كانت عليه تلك الفترة الزمنية.

وعلى الانطباع الذي يمكن لنا أن نخرج به تذكر مثل هذه القامات الباسقات التي لاتبتعد كثيرا عن هذا الجيل ومتطلعاته، فقد حاربت وجاهدت لكي لا يضيع ويتمزق ويهزم ويحبط ويسقط ويزيف ويشوه جيلنا السابق، فهناك عناوين كثيرة في طيات عالمها الأدبي والثقافي ولن اتكلم عنه لأنه ينبغي له بحث كبير جدا ولا يسعني في هذه العجالة إلا أن اتي بشيء بسيط ومتواضع وأنها تستحق أكثر من ذلك لأنها تعتبر من النجوم المضيئة التي ملأت سماء ثقافتنا منذ كنا صغارا حتى كبرنا، فشكرا لكِ على ما قدمته من معطيات وانجازات لا تنسى شعرنا بها في نفوسنا وعقولنا وتعايشنا معها واستفدنا منها ونشأنا عليها فألف شكر لله ثم لك ايتها القديرة. وجوه لا تنسى/ الحاجة فاطمة احمد الشيخ ”اديبة الجيل الجميل“