دراسة التأثيرات الجينومية على الاستجابة للدواء الوهمي «البلاسيبومي» حيث يلتقي تأثير الدواء الوهمي بالبروتيوم
الأسس الجزيئية للعلاج الوهمي
23 سبتمبر 2020
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
قدم له الدكتور غسان علي بو خمسين، صيدلاني أول، مستشفى جونز هوبكنز
المقالة رقم 406 لسنة 2020
The study of genomic effects on placebo response «Placebome»: Where the placebo effect meets the proteome
09/23/2020
مقدمة الدكتور غسان علي بو خمسين
يعتبر العلاج بالبلاسيو placebo أو ما يسمى لالعلاج الغُفل أو الوهمي، ركناً أساسياً في الدراسات الإكلينيكية المعماة المنضبطة Ramndomised Controlled Trials. ولكن رغم أهمية ومحورية هذا العنصر، إلا أن الآلية الدقيقة والبيولوجيا الجزيئية خلف هذا التأثير الوهمي للدواء الغفل ماتزال مجهولة إلى حد كبير، مما يسبب قصوراً ونقصاً في الفهم والاستيعاب الكامل للدور المهم للتأثير النفسي في العلاج الدوائي.
وهذا يأخذنا إلى صعوبة إجراء الدراسات الإكلينيكية المعماة والمنضبطة على الأعشاب الطبية؛ كون الأعشاب تحتوي على مواد نباتية كيميائية phytochemichals عديدة وليست مادة فعالة واحدة، فضلاً عن تباين تركيزها وصورتها الفراغية وتأثيرها الحيوي، فإذا كان الدواء الواحد الكيميائي المعزول بدقة ومعايير بصرامة له تأثيرات معقدة جداً في الجسم ويؤثر في بروتينات عديدة، فكيف بعشب طبيعي هو عبارة عن مزيج من مواد كيميائية عديدة، لها تأثيرات متباينة بل ومتعارضة فيما بينها. هذا فضلاً عن وجود العامل النفسي الفعال والكبير في طب الأعشاب، نتيجة إيمان معظم أصحاب هذا الفرع من الطب بمبدأ ”العقل والجسد“ The mind - body approach الذي يربط ربطاً وثيقًا بين ايمان الشخص بالعلاج والمعالِج وثقته به في تأثيره في العلاج، وأن ما يستقر في الذهن يؤثر في الجسد نفسياً وعضوياً، وهذا يسبب تخريباً كبيراً للدراسات الإكلينيكية القائمة على الانضباط بالبلاسيبو لاستبعاد العامل النفسي، والعشوائية لتحييد التحيز وعنصر الصدفة، وكل هذا لايمكن تحقيقه في دراسات
الأعشاب بسبب عدم ضمان تحقيق شروط التحربة الاكلينيكية المنضبطة، وبطبيعة الحال فأن مبدأ الإيمان والاعتقاد القائم يجعل من رصد التأثير الدقيق والبعيد عن التحيز والعامل النفسي للمادة او المواد الفعالة ضرباً من المستحيل.
البحث المترجم،
الأسس الجزيئية لتأثير الدواء الوهمي «البلاسيبو» غير مفهومة جيدًا. قام فريق بقيادة الباحثة كارين ميسنر Karin Meissner من جامعة لوديغ ماكسيميلان LMU بدراسة هذه الظاهرة في سياق الغثيان، وتعرفوا على بروتينات معينة تتساوق مع تأثيرها الإيجابي.
في حالة العلاج المثبت، استخدم جهاز TENS لتوصيل نبضات كهربائية خفيفة إلى نقاط معينة من الوخز بالإبر على الجلد. في حالة مجموعة الدواء الوهمي، لم يتم تشغيل الجهاز. مصدر الصورة: مكتبة صور العلوم
يبدو أن تأثير الدواء الوهمي يصنع المعجزات. في بعض الحالات، يمكن أن يكون لإعطاء ”دواء“ للمرضى غير العارفين بحقيقة أنه لا يحتوي على عامل دوائي فعّال تأثير إيجابي على حالتهم - ومنها تخفيف الألم، على سبيل المثال.
تأثير الدواء الوهمي معروف بشكل جيد، ولكن تمت دراسته بشكل أساسي في اطار متلازمات syndromes الآلام. وقد دفع هذا الباحثين إلى التركيز على التغييرات في نشاط الدماغ، حيث يبدو أن هذه التغييرات توفر الركيزة الأكثر احتمالًا لهذه الظاهرة. لكن الآليات البيولوجية المسؤولة عن التأثير ظلت بعيدة المنال. قامت مجموعة من الباحثين بقيادة كارين ميسنر في معهد علم نفس الطبي في جامعة LMU، بالتعاون مع زملاء في مركز هيلمهولتز في ميونيخ، بإجراء أول دراسة لتأثير الدواء الوهمي على المستوى الجزيئي، في اطار التخفيف من الغثيان. نتائجهم التي حصلوا عليها لا تؤكد فعالية الدواء الوهمي على الأعراض فحسب، بل تكشف أيضًا عن تغييرات في كيمياء الدم يمكن أن تفسر التأثير نفسه. ”هذه أول دراسة «1» أجريت على الإطلاق يتم فيها استخدام البروتيوميات proteomics «البروتيوميات: دراسة جميع أصناف وأنواع البروتينات، 2» في اطار البحث عن تأثير الدواء الوهمي“، كما تقول ميسنر ”البروتيوميات proteomics هي طريقة تتيح للشخص التعرف على جميع البروتينات الموجودة في الخلايا أو الأنسجة أو سوائل الجسم. لذلك تقدم بروتيوميات البلازما صورة غير متحيزة لتأثير الدواء الوهمي على المستوى الجزيئي“.
الغثيان مألوف جدًا للمسافرين المعرضين لدوار البحر الناجم عن حركة سطح البحر المستمرة وغير المتوقعة. ولكن الغثيان يحدث في العديد من الأماكن والوضعيات الأخرى - بما في ذلك أثناء الحمل «الوحم» - وكأحد المضاعفات الثانوية للأدوية التي يصفها الطبيب أو العقاقير المستخدمة للتخدير. حتى الآن، عدد قليل نسبيًا من الدراسات كُرّست لدور أو فاعلية تأثير الدواء الوهمي في علاج الغثيان، ”أجد الغثيان كعرَضٍ من الأعراض المثير للاهتمام بشكل خاص، لأنه مقترن بتغييرات في نشاط المعدة القابل للقياس“ كما توضح ميسنر. الغثيان يزودنا بعامل «معيار» طبيعي موضوعي يمكن من خلاله رصد تأثير الدواء الوهمي الغامض.
عرّض الباحثون لأول مرة مجموعة من 100 متطوع لمثير stimuli بصري معروف بأنه يحث على الغثيان بشكل موثوق. وبشكل أكثر تحديدًا، تم عرض سلسلة متواصلة من الخطوط السوداء والبيضاء على شاشة نصف دائرية على بعد 30 سم من المشاهد. ثم تم تقييم ردود أفعال المتطوعين على مثير الحركة الذاتية الوهمية vection «للتعريف راجع 3»، الذي يحث على وَهمْ الحركة الذاتية. سُئل المشاركون عن الأعراض التي يعانون منها وقياس مستويات النشاط المعدي لديهم gastric activity وأخذت عينات من الدم، والتي أخضعوها لاحقًا لتحليل البروتيوميات. وفي اليوم التالي، اختبر الفريق كيف تفاعلت مجموعات فرعية مختلفة من مجموعة المتطوعين الرئيسية، التي أخضعوها للتجربة، مع الدواء الوهمي مقارنةً بعلاج مُثْبت الفعالية أو بلا علاج على الإطلاق. في حالة العلاج المثبت فعاليته، استخدم جهاز التحفيز الكهربائي للعصب عبر الجلد «جهاز TENS، انظر 4» لتوصيل نبضات كهربائية خفيفة إلى نقاط الوخز بالإبر على الجلد «5 «. في حالة مجموعة الدواء الوهمي، استخدم العلاج بجهاز ال TENS إما بشكل سطحي على الجلد أو لم يكن الجهاز في وضع التشغيل على الإطلاق.
كانت النتائج مذهلة، حيث بدت وكأنها تؤكد بعض الفرضيات التي طُرحت لشرح تأثير الدواء الوهمي في الأوراق العلمية المنشورة، كما تقول ميسنر. على سبيل المثال،، تحليل البروتيميات في دم الأشخاص الخاضعين للتجربة كشف عن وجود بروتينات معينة رُبطت بالاستجابة المناعية السريعة للغثيان. ”وفي دراستنا، يبدو أن العلاج الوهمي يثبط هذه الاستجابة المناعية“. بالإضافة إلى ذلك، هناك مؤشرات على أن البروتينات مثل نيوركسين neurexin وريلين reelin، التي ربطت بالسلوك التشاعري «6» والترابط bonding [الترابط هو العملية التي من خلالها يصبح الأفراد متعلقين ببعضهم البعض مشاعريًا، 7]، قد تكون لها علاقة بتأثير الدواء الوهمي على تخفيف الغثيان.
هذا يوحي بأن الهرمونات المقترنة بالترابط «7» قد تضخم تأثير الدواء الوهمي - وقد يشير إلى جذر تطوري للظاهرة. تشير ميسنر إلى أن ”سلوك الاستمالة «بغرض فعل جنسي» في الثدييات الاجتماعية «التي تظهر سلوكًا اجتماعيًا تجاه بني جنسها، 8» يقوي الترابط «7»“. وتضيف أن هذا شكل من أشكال العادات الصحية / الهايجين hygiene الاجتماعية «للتعريف، انظر 9» - وهو مصطلح يمكن تطبيقه أيضًا على العلاج الوهمي - ويمكن أن يحفز إفراز هرمونات معينة تدعم تأثير الدواء الوهمي.
أخيرًا، بصمات البروتيوميات في بلازما الدم كانت قادرة على التنبؤ بدقة مدهشة بأي المشاركين في التجربة سيظهر استجابة هي الأكثر فعالية للعلاج الوهمي، كما تقول ميسنر. ملاحظة أخرى أخذت أثناء الدراسة فيما يتعلق بتأثير الدواء الوهمي.
يصاحب الغثيان تغير قابل للكشف في نشاط عضلات المعدة. عاد هذا المتغير إلى وضعه الطبيعي لدى النساء اللائي تلقين العلاج الوهمي، لكن لم يكن له أثر في المجموعة المقابلة من المتطوعين الذكور ”. تقول ميسنر، أسباب هذا الاختلاف المتعلقة بالجنس «اختلاف التأثير بين الإناث والذكور» غير معروفة بعد“. ”لكنها قد يكون لها ارتباط بالاختلافات بين الجنسين فيما يتعلق بكيف يتكيف الأفراد مع المثيرات المسببة للضيق «النفسي».“ تنظر هي وزملاؤها في الدراسة الجديدة على أنها خطوة أولى واعدة، لأنها تؤكد على إمكانات تحليلات البروتيوميات في البحوث السريرية.