آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

وجوه لا تنسى.. ذو الابتسامة عبد الغني الناصر

حسن محمد آل ناصر *

قبل ثلاثة أشهر تقريبا فقدت جدتي الحاجة زهراء العسيف «14/06/2020م» ومازال صوت الناعي يفجعني بخالي ”عبد الغني أحمد الناصر“ ذاك الرجل الطيب كلما مررت امامه قام يمازحني ودائم السؤال عن أمي وأبي.

”غني“ كنا نمازحه ويتلطف منا بهذا الاسم والمناداة، كان محبا للناس فأحبوه لأنه عاش معهم كأي إنسان ودود ذو ابتسامة وقهقهة ضعيفة خجولة بريئة، تمثل في صورة لا تنسى وقلبا كبيرا ونقاء سريرة واخلاص قل نظيره، كان انسانا بمعنى الإنسانية لا يؤذي احدا، شوارع ومجالس «ديوانيات» القديح ستفتقده وسيضل جيلي يتكلم عنه وعن سلمه الذي شاهدوه حينما يريدون غضبه يرهم مرحه وضحكته.

كانا نذهب إليه مترجلين نقطع مسافة لا بأس بها لا نطمئن عليه، ولست هنا احكي حكاية تعب المشي لا. لكن أريد أن أقول: عند رجوعنا من زيارته لا نحس بالمسافة ابدا فالذاهب اشبه بالصمت والرجوع حديث ذو شجون عنه وعن حالته ”تمر الخطوات كمر السحاب“ أجل كان صبورا في اعظم ازماته، زرته مع أخوتي «محمد، جعفر، حسين» قبل مرضه الأخير، رغم ألمه الذي كان يخفيه وراء نكته الظريفة وذكريات الأسرة التي اصبحت احفظها عنه وبالذات عندما يعلق عن أمي حفظها الله.

كانت الظروف اقوى أن تحتمل والحال لا يعلم به إلا الله، عاش في كنف والدين كريمين، مجتهد جدا في دراسته وعبقري فن ”كان يحب الفن التشكيلي“ وعلاوة على هذا انخرط بالنجارة وعندما تخرج عمل في سوبر ماركت ”البيات“ حاليا مركز القدس بالقطيف بداية عامل تحميل وتفريغ ولحديثه اللبق ورأي مسؤوله عنه فقد تقرر ترقيته لبائع «كاشير» حتى اصبح محاسبا.

ولظروف الحياة وقساوتها المعيشية قرر أن يجوب رزقه في صناعية الدمام، لكن كان راتبه نصفه يصرفه للتكسي الذي تعهده لتوصيله لأنه لم يكن يقدر عن يشتري سيارة «قرنبع» وغير مصروف زوجته وعياله، حتى اثقلت عليه الديون والمصاريف قرر أن يعمل بالبيع كمصروف اضافي «بسطة حلويات، بيع بطاطس مقلي، بيع كباب واوصال لحم على الجمر» قرب باب منزله، تعثرت به الحياة حتى في فترة من الفترات يجوب البيوتات توصيلا بدراجة هوائية ليكسب رزقه الحلال.

في هذه العجالة احببت أن اسلط الضوء عن شخصية افتقدناها وهذا غيض من فيض لسرد حياة ملؤها التعب والشقاء، حقيقة لا اجد كلمة توفي فقيدنا الغالي حقه الذي اراه تكريما له بعد موته ليذكره الناس ويترحمون عليه.

أرى عيون اهلي ومن احبه بإخلاص دموعهم تنحدر اسا وفقدا عليه ”عبد الغني راح“ لكن لا اعتراض على قضاء الله وقدره، فالإنسان مهما عاش لابد له المغادرة، هنيئا له مات صبورا علمنا أن الحياة لا تساوي شيء إلا بالذكر الحسن.

افتقدناك يا خالي بأيام حزن وسنذكر بحزن ونعرج معك بفرح كما تحب ان ترى فينا الضحكة والابتسامة، فرحمك الله رحمة الابرار واسكنك الله فسيح جناته انه سميع مجيب، رحم الله من يقرأ له ولأسلافه وأرواح المؤمنين المؤمنات الفاتحة.