حاميها حراميها
يعتبر موضوع حقوق الإنسان من أهم الموضوعات التي تحظى باهتمام عالمي بالغ فهي أمر شائك ومتشعب وله تفسيرات لا تعد ولا تحصى، حيث يحتفل العالم في العاشر من هذا الشهر باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته وأعلنته الأمم المتحدة عام 1948، وسبق إعلان الأمم المتحدة إعلان حقوق الإنسان والمواطن عام 1789 السنة الأولى للثورة الفرنسية، على أمل وتطلع إلى تطبيق هذا الميثاق على الواقع المعاش وحماية البشرية مما تتعرض له من استبداد وظلم وتطهير عرقي وحروب مفتعلة ومفروضة وفتن ومؤامرات تحاك، بدلا من ذلك حياة كريمة وعلاقة ودية بين أفراد الوطن الواحد وعلى نطاق الدول والعالم أجمع تطبق فيه مجموعة المواثيق والأعراف والضوابط التي تكفل حياة كريمة للإنسانية المظلومة على نطاق الأرض، تنتهي فيها انهر الدماء البريئة التي لا زالت تسيل في انتهاك صارخ لكل الأعراف والمواثيق الإنسانية نصل فيه الى ابسط حقوق الإنسان وأن يكون له قيمه كرمه بها خالقه عز وجل لا يجوز انتهاكها، لا فرق فيها بين أسود وأبيض ولا عرق دون آخر ولا قومية تفضل على قومية، ولا مذهب على اخر، لا يتعدى فيها بقول ولا فعل بإحترام هذا الميثاق وصيانته واجب مقدس على كل ذي ضمير وشريف باعتباره مطلب أخلاقي تحمى وتحترم فيه إنسانية الانسان.
الشريعة الإسلامية أهتمت بكرامة وقدسية الانسان وفضلته على سائر المخلوقات وكفلت له حياة كريمة أرست فيها المبادئ الأساسية التي تكفل حق الإنسان، فهي سبقت الإعلان العالمي لحقوق الانسان، حيث عالجت جميع ما يتعلق بكرامة الانسان قبل ولادتها ومجمل حياته، فالشريعة الاسلامية كرسالة سماوية صالحة لكل زمان ومكان تهدف إلى توفير الحاجات الأساسية لسعادة الانسانية تتميز بالكمال والشمولية كميثاق متكامل وراسخ يحفظ من اصطفاه الله عز وجل على سائر خلقه، وجعله ذات قيمة وأهمية وكرمه بهذه المواثيق.
قال تعالى ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا﴾
أما الغرب الذي انبثق منه ميثاق حقوق الانسان يطبق هذا الميثاق من منظور شخصي للمصالح والمكاسب والولاءات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية والتحالفات لتلك الدول هي من ترسم وتطبق حقوق الانسان على الواقع المعاش، وتبرر كل تصرف حسب المنفعة الذاتية والفائدة الشخصية والمصالح الآنية، وبهذا لا تعير تلك الدول الأهمية لمبدأ حقوق الانسان بشكل انساني بعيد عن مصلحتها الخاصة، بالعمل بازدواجية والميل بمكاييل مختلفة حسب كل هدف تصبو له وتريد الوصول له، يصل الى التغاضي التام والمتعمد الخاسر فيه الشعوب المستضعفة والتي تئن من ويلات الحروب والانتهاكات اللإنسانية، تتمنى وتحلم تلك الشعوب بالحد الأدنى بحياة كريمة ومستقرة، حيث تواجه الأمم المتحدة والمحافل والهيئات الدولية المدافعة عن حقوق الانسان ضغوط هائلة من تلك القوى من عدم كشف المستور بما تقوم به الدول الكبرى بحماية من ينتهك تلك الحقوق، مما يسهم في تراجع حقوق الانسان في كثير من بقاع الارض بحجج واهية ودرائع مخيبة، حسب المصالح والأطماع وتوزيع الأدوار، مثل محاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية واحقاق حقوق الانسان وغيرها من المبادئ الجميلة وهي حق يراد به باطل وشر يحاك لتلك الشعوب والبلدان، مدعومة بتقارير من مؤسسات تابعة لها واتباع مدفوعي الأجر من اجل العمل ضد مصالح أوطانها وضغوطات سياسية واقتصادية وحصار وتجويع وغير ذلك من الأفعال المخزية في القرن الواحد والعشرين تهدف إلى السيطرة والتوسع والهيمنة على مقدرات الشعوب.
فالأمثلة على هذا الواقع كثيرة ومتعددة على هذه السياسة التي تتبعها تلك الدول في العالم بشكل عام وفي العالم الثالث والإسلامي بشكل خاص، تركيا دولة تعتبر حليفة لتلك الدول ينتهك في تركيا الأعراف والمواثيق الدولية فعدد السجناء السياسيين والمدافعين عن حقوق الانسان حدث ولا حرج، والمجازر ضد شعبه من الأكراد مستمرة منذ سنوات طويلة، وفي كل يوم يتدخل عسكريا في شئون دول مستقلة وذات سيادة مخالفا جميع الأعراف والمواثيق الدولية ويغض الطرف عنه لان المصالح المشتركة فوق كل المواثيق والأعراف في نظر تلك الدول.
والمثال الاخر إسرائيل صنيعة تلك الدول والولد المدلل تنتهك على مر السنين الطويلة حقوق الانسان داخل الأراضي المحتلة ولم تسلم منها كثير من الدول العربية والإسلامية حروبا واغتيالات مستمرة على مرآة من العالم الصامت ضد كل تلك الجرائم التي يندى له جبين البشرية في عصر التغني بحقوق الانسان، والأمثال على ذلك لا تعد ولا تحصى ونحن نشاهد وسائل الاعلام تنقل المجازر على نطاق عالمي مدعوما في أكثره او مسكوت عنه من تلك الدول، فعالمنا العربي خير شاهد على ما تعرضت له اكثر الدول من ضغوط وانتهاك ودعم للجماعات المسلحة والإرهابية لتدمير دول كان السبب هو رفض تلك الدول الوصايا والتبعية والرضا الغربي والاسرائيلي، وليس حبا لتلك الشعوب بل المعاني ومن هدت الحروب كيانه هم المستضعفين والفقراء والمساكين الذي زاد التدخل الغربي حياتهم سوء ومظلومية.
تلعب دائما على مشاكل تلك الدول من أجل مزيد من الضغط من السكوت عن التطهير العرقي وتشريد وتهجير والتمييز العنصري وتسليط الأقليات وغض الطرف عن جرائم ضد الانسانية لا ترتكب حتى في شريعة الغاب، فهي تحدد الديمقراطية لدولها وتسلبه من دولك اخرى تتدخل في شئون دول مستقلة بطريقة فجة، ضاربة بكل الأعراف والمواثيق عرض الحائط، تصنع الأسلحة المحرمة وتسلمها من يرتكبون حرائم حرب، وتجعل العالم مكان لتجارب اسلحتها الفتاكة التي تؤدي إلى انتشار كثير من الأمراض السرطانية وأمراض متعددة اخرى.
فلاغرابة ان تسمع اليوم انتقاد شديد اللهجة من تلك الدول الى دولة من دول العالم وفي يوم وليلة وعندما ترضخ لمصالح تلك الدول بفعل الضغط والحصار والتجويع يصبح حليفا حتى لو ارتكب جرائم ضد الانسانية ويصبح من رعاة حقوق الانسان.
كل من يرفض سياسة تلك الدول حتى لو كانت دولته واحة من الديمقراطية مراعي لحقوق الانسان ووصل للحكم بطريقة انتخابية نزيهة لا تنجيه من مكر وخبث ومؤامرات تلك الدول الذي تعيش حلم السيطرة على مقاليد الحكم في العالم، وكما يقال حلم ابليس بالجنة.
فالعالم بفضل تلك السياسة يعيش أدنى مستوى من الإنسانية والكرامة بفقر مدقع وجوع قاتل وحروب مدمرة وشعوب تشرد وتقتل من اجل مصالح سي السيد التي لا تنتهي.