آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

يوم الغاليين

عبد الرزاق الكوي

قال تعالى: «ووصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا»

يحتفل العالم في يوم واحد اكتوبر من كل عام بذكرى اليوم العالمي للمسنين، وهو يوم يبرز فيه الاعتناء والاهتمام بكبار السن، هذا اليوم هو أحد أيام الأمم المتحدة اقر كمناسبة سنوية في 14 ديسمبر 1990، وابتدأ الاحتفال بهذا اليوم منذ عام 1991.

الأيام الدولية تختارها المحافل الدولية والمؤسسات العالمية من اجل تثقيف الناس بشأن قضايا ذات اهمية تخص المجتمعات وتطوير خدمة معينة او إبراز قضية حساسة او مكافحة امر يهم استمرارية الحياة للأفضل ومعالجة المشاكل العالمية سواء السياسية او الصحية او الاجتماعية وغيرها من الامور التي تتعلق بحياة كريمة للإنسانية.

ولا يخفى علينا أن الدين الإسلامي كان أول من نادى ودعى واعطى اهمية عظيمة ببر الوالدين ورعايتهم ومعاملتهم في الدنيا بالحسنى لينال الجزاء الأعظم بالتوفيق في الدنيا ورضا الله جل وعلا في الآخرة، فالجنة تحت اقدامهم، فهذا اليوم وكل يوم لتجديد العرفان ورد بعض من أفضالهم.

يهدف هذا اليوم للتذكير بهذه المسؤولية ورفع مستوى الوعي لخدمة هذه الشريحة الغالية، حيث ساهمت في تربية اجيال وبعد خدمة طويلة ومعاناة متعددة في خدمتنا وخدمة المجتمع ونموه وازدهاره، فالمسن هو جد او جده او اب او ام او قريب عزيز، او احد أفراد هذا المجتمع الغالي، وصلت به الظروف الى عمر يحتاج في الى الرعاية كواجب شرعي ونرد له ثمن عطاء طويل وجهد حثيث ووقت ثمين قدمه اثناء حياته صبرا وجهاد من اجلنا، فسنة الحياة ان يتقدم الانسان بالعمر وترافق هذا التقدم تغيرات في هذه المرحلة، حيث تتغير وظائف كثير من أعضاء الجسم والأجهزة الحسية، وتكثر الأمراض مثل السمع والبصر والضغط والسكر والمفاصل والعظام والرقبة وامراض التنفس وغيرها من الأمراض وهذه سنة الحياة، كل ذلك تأثر على المسن وعلاقته بمن حوله وعلاقته المحيطين به واهتمامهم به، حيث تحد كل تلك التغيرات من نشاط المسن وتقلل من حركتهما يؤثر على حالته النفسية والتركيز وبالتالي تنعكس على تصرفاته المزاجية حيث تصل الى الصلابة وزيادة الحساسية وعدم التأقلم مع من حوله.

قال تعالى:

«الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق مايشاء وهو العليم القدير».

فالوازع الديني والتكافل الأسري والروابط العائلية والتعامل بعطف مع المسن، تخلق جو نفسي مريح ينعكس على صحته، فالعامل النفسي مهم لهذه الفترة الحرجة بعد عمر حافل بالنشاط والحيوية يجد المسن نفسه فريس الوحدة وابتعاد الجميع عنه، وعديم الفائدة.

فاليوم العالمي للمسنين يذكرنا بواجب سماوي من اجل القيام بواجبات المسن من حيث استمراره بالعيش بيننا بحياة كريمة وكرامة لمكانته السابقة، تستوجب اهتمام اكثر من أفراد العائلة اولا ومن الخدمات المقدمة من الدولة والجمعيات الخيرية والأهلية، لا ننسى ونذكر دائما ان هذه الفئة الغالية هم اجدادنا وجداتنا وابائنا الذين سهروا وتعبوا وبدلوا الجهد لإسعادنا وأمهاتنا بما قاموا وبدلوا من الجهد والصبر والعطاء والسهر من اجل راحتنا. فالقليل في حقهم العطاء والخدمة اذ ان البر بهم ثوابه الجنة.

فلتتكافل الجهود من قبل الاسرة لهذا الدور الفاعل والمهم من حيث قربها ومعرفتها بظروف المسن الصحية والنفسية، ودور الدولة لمن خدم وقدم زهرة شبابه لوطنه، وربى اجيال تخدم مجتمعاتهم من بعده، وكذلك دور الجمعيات الخيرية والأهلية ورجال الاعمال ومحبي الخير في حفظ مكانة المسن، ومساعدت كثير من كبار السن لا يجدون الرعاية التامة بسبب الحالة المادية او عدم وجود من يرعاه او حالته الصحية المتقدمة او وصوله الى حالة نفسية يحتاج فيها الى رعاية مختصة، ومن الخطأ بل يصل الى الإجرام ان يأخد المسن الى دار رعاية المسنين وهو في حالة يمكن خدمته والقيام بواجباته في المنزل، فدور رعاية المسنين لحالات خاصة جدا وليس من حقهم علينا لأول عارض صحي او تقدم في السن ان نضعه في دار رعاية المسنين ونحن نملك الإمكانيات المادية من منزل وخدم وبيت تتوفر فيه الحياة الكريمة لعزيز علينا.

علينا ان نحترم ونقدر ونشعرهم دائما بأنهم عزيزين علينا وجودهم بيننا مصدر سعادة وبركة، كل ذلك تحت مظلة ما نقوم به شيم وقيم حث عليها ديننا وجميع الأديان وهو مفهوم حضاري ومبادئ يجب ان لا نتخلى عنها او نتهاون في القيام به على اكمل وجه، فاليوم هم بيننا وبعدها يفارقوننا وهي سنة الحياة بعدها يأخذنا الأسف في ما قصرنا ولا ينفع الأسف وتبقى الحسرة والمرارة.