بنات الرسول (ص) سبايا
الامام الحسين المعصوم يسير على خطى جده محمد صلى الله عليه واله وعلى خطى ابيه أمير المؤمنين وامام المتقين ويعسوب الدين وأمه فاطمة الزهراء البتول سيدة نساء العالمين وعلى خطى أخيه الامام المجتبى الحسن الزكي عليهم جميعا ازكى السلام.
قال رسول الله صلى الله عليه واله:
«حسين مني وانا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط».
الرسول الأكرم لا ينطق عن الهوى انه الا وحي يوحى، نطق الرسول بهذه الكلمات في حق الامام الحسين تكليف من رب العالمين، ليس بدافع عاطفة او محبة او قرب، بل لدور مناط به من قبل الله تعالى، ان يكون للحسين موقف تاريخي من قبل الله عز وجل نطق به الرسول الأكرم، فقول الرسول نص واجب التنفيذ، «حسن مني وانا من حسين». كان الدور حفظ الدين وكان الفداء الامام الحسين وبنات الرسالة.
قال الامام الحسين :
«شاء الله أن يراني قتيلا وشاء الله أن يراهن سبايا».
دور الامام المكلف به من اجل الدين الشهادة، ودور بنات الرسالة وهو مسيرة امهم فاطمة الزهراء ، ان يسبين حتى لا تسبى نساء المسلمين بعدهم، رغم ان امتداد جيش ابن سعد في أيامنا المتمثل في داعش ومن أتى قبلهم وبعدهم اخد على عاتقه مواصلة مسيرة العار في سبي النساء.
فالحسين في مسيرته من المدينة المنورة مرورا بمكة المكرمة وصولا الى ارض الفداء كربلاء المقدسة كانت امتداد لجده الرسول الأكرم بكل خطوة يخطوها، من اجل محاربة الظلم المسلط على رقاب الناس. كما حارب جده من قبل وظلم وأودي وتعرض للقتل.
ان حضور بنات الرسالة كربلاء ليس اعتباط وليس رحلة سياحية، انه رحلة من اجل الدين، وإكمال لمسيرة الجد وإيصال لنهضة الامام الحسين للعالم، رغم معرفة الامام بغدر الجيش ومن ارسله، فكان على معرفة تامة بهم في عهد الامام علي عليه وعهد الامام الحسن . فالمسألة وصلت الى اكبر من تقديم مال وعتاد وكلمة وإرشاد، وضع الأمة وصل الى حالة من السوء والوضع المتردي، كان لابد ان يقدم الامام نفسه الزكية وبنات الرسالة، فمنهم من سبي ومنهم مع السبي استشهد.
العقيلة الطاهرة وبطلة كربلاء ، ترد على أبن عباس بشجاعتها المعهودة، عندما طلب من الامام اذا كان عازما على المسير إلى كربلاء، أن لا يأخد النساء معه، قالت السيدة زينب ردا على ابن عباس :
«يابن عباس، تشير على سيدنا بأن يخلفنا هاهنا، ويمضي وحده لا والله بل نحيا معه، أو نموت، وهل أبقى الزمان لنا غيره.. لا نفارقه ابدا حتى يقضي الله ما هو كائن».
تعرف وهي سليلة الرسالة وبنت فاطمة ، دورها المنتظر في كربلاء، ليس نزهة وهي تقابل اعتى مجرمي العصر، لم يتورعوا عن فعل قبيح، فلم يكونوا كما قال لهم الامام الحسين « كونوا أحرار في دنياكم إذا لم تعترفوا بالمعاد ». فلم يكن لهم من الشرف درة فالشريف لا يقتل الطفل الرضيع ويسبي بنات رسول الله صلى الله عليه واله بعد قتل سيد شباب اهل الجنة، فلم يعرف في التاريخ ان مسلمة سبية ممن يسمي نفسه مسلم قبل سبي بنات الرسالة، كانت زينب موطنة نفسها بكل شجاعة ويقين بما تقوم به من اجل الدين. فالحرب واحدة كانت مواجهتهم للرسول عند نشر الرسالة، وفي كربلاء يحاربون من يريد الحفاظ على الرسالة وتثبيتها.
السبي سنة تتوارثها أجيالهم الفاسدة جيل بعد جيل نشاهد في بث مباشر على وسائل الاعلام ما تقوم به داعش وهي تفتخر بالنصر المبين وهي تأخد النساء سبايا ونكاح الجهاد وتقطع اعناق الرجال، مخالفين كما اجدادهم ابسط مباديء الاسلام وحقوق الانسان والأعراف والتقاليد الانسانية، بل هي ثقافة الغاب، والنفس المجرمة المتعطشة لسفك الدماء الطاهرة والبريئة، فمن يجترئ على قتل ابن رسول الله صلى الله عليه واله بهذه الطريقة البشعة ليس كثيرا عليه ان يفعل ما يفعله من قتل الرضيع وسبي اطهر وازكى نساء اهل الارض بعد أمها فاطمة الزهراء .
فالجيش الظالم والعقلية الفاسدة والنفسية العفنة نفسها هي من استحل مدينة الرسول وما فيها من الصحابة وزوجات الصحابة للجيش الغازي، فقد اغتصبت نساء المدينة في ثلاث ايام سوداء من تاريخ الغزاة.
فما ان استشهد الامام واصحابه، وبقى بنات الرسالة بدون حامي امر قائد الجيش الظالم بحرق الخيام وترويع بنات الرسالة مناديا أحرقوا بيوت الظالمين لتكون له شهادة حسن سيرة وسلوك عند بن زياد بن ابيه صاحب التاريخ المخزي والراية المرفوعة، وبدأت مرحلة الفجيعة الكبرى الشهداء صرعى ممزقي الاجساد مقطوعي الرؤوس وبدأ السبي للنساء أصبحنا يتفاررنا دعرا وخوفا فالمعتدي لا يملك دين ولا شرفا.
صاحت العقيلة من هول الفاجعة وظلم الفجرة، مخاطبة جدها بقلب حزين :
«يا محمداه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفى عليهم ريح الصبا وهذا حسين محزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة والردى».
سبي بنات الرسالة فجيعة على قلب الرسول وأهل البيت لا تقل اهمية وعظمة بل ان لم تكن اعظم من استشهاد الامام الحسين واصحابه وهم نساء ثكلى بدون غطاء وأطفال أيتام يهيمون في صحراء كربلاء مخافة ان تطأهم الخيل وضرب السياط.
بعد العاشر الحزين ربات الصون والعفاف بنات رسول الله صلى الله عليه واله يودعون الاجساد المقطعة الطاهرة في موقف يدمي القلب، يركبون على ظهور الهوازل تدمى اجسادهم من ضرب السياط، لتبدأ مسيرة الإباء ومواصلة الرسالة من كربلاء للعالم كاشفة فيه العقيلة من هم القتلة واعداء الدين وقتلة الأنفس الزكية. حملة الراية التي لم تسقط وزينب على قيد الحياة، جمعت العيال في كربلاء ونطقت بفصاحة ابيها ويقين أمها ، في الكوفة كاشفة زيف بن زياد وفضح غطرسته وجبن وتخاذل اهل الكوفة عن نصرة الامام الحسين ، فكانت المواجهة الاولى الذي لم يحسب لها الظلمة حساب وتفكيرهم الظال ان بقتل الامام قتلا لصوته، فمن ثمرات وجود السبايا عندما صعد فاسد الأصل بن زياد المنبر وأثنى على ولي نعمته، وأساء إلى الحسين ، وأهل بيته وشتم العقيلة زينب قام إليه عبدالله بن عفيف الأزدي وقال له : ياعدو الله إن الكذاب أنت وأبوك والذي ولاك وأبوه يابن مرجانه، تقتل اولاد النبيين وتقوم على المنبر مقام الصديقيين.
أمر بن زياد برأس الامام الحسين ، فنصب بالكوفة وطيف في أزقتها، بعدها ارسلت الرؤوس الطاهرة مع بنات الرسول صلى الله عليه واله الى الشام، تحت قيادة العن خلق الله وأقسى قلوب اهل الارض غضاضة واجرام، من اجل مواصلة التنكيل بالسبايا وهم زجر بن قيس وأبو بردة بن عوف وطارق بن أبي ذبيان، وأمر على قيادة هؤلاء المجرمين من هو اشد اجراما وعداء الى اهل البيت الملعون في الارض والسماء، شمر بن ذي الجوشن، وهو من اعتلى الصدر الشريف للإمام الحسين مما يؤلم بنات الرسالة بما فعله في كربلاء وقساوته وفضاضته في مسيرهم من الكوفة إلى الشام، حيث امر بن. زياد الحثالة بأخد السبايا بالطرق البعيدة والوعرة والمرور بهم في البلدان والمناطق وهم كاشفات.
رفضت بعض المناطق هذا الاجرام ومرور السبايا في مناطقهم عندما عرفوا انهم بنات. سول الله صلى الله عليه واله ومعهم رؤوس الشهداء، وقام بعض المناطق دفاعا عن السبايا، وبعد عناء المسير وصلت السبايا إلى الشام التي كانت تحتفل بنصر بعيد وعطلة رسمية من اجل استقبال السبايا والتفرج عليهم.
ادخلت الرؤوس الطاهرة على المكان الغير طاهر وهم موثوقون بالأغلال وفي عنق الامام علي بن الحسين الجامعة، ارادته زمرة الطلقاء دل وهان الى الرسول وأهل بيته .
ومما يزيل القلب عن مستقرها ويترك زند الغيظ في الصدر واديا
وقوف بنات الوحي عند طليقها بحال بها يشجين حتى الاعاديا
واسكنوا في دار لا تحميهم من حرارة الصيف وشمسه الحارقة، فأقاموا به حتى تقشرت وجوههم، ولما ادخلوا على يزيد وضع الرأس الشريف للإمام الحسين بين يديه وجعل ينكث بقضيب كان في يده في ثغره، أعاد فيه حنينه للجاهلية وعدائهم وحربهم للرسول صلى الله عليه واله، فكما عانا الرسول منهم مع وجود الصحابة المدافعين عن الرسالة وعلى رأسهم ابي طالب وابنه بطل الاسلام الخالد الامام علي يدودان عن الرسول والرسالة لقضى بني أمية على الاسلام، واليوم تفعل سلالة البيت الأموي في السبط وبنات رسول الله سبايا في المجالس وهم يشاهدون يزيد يضرب ثنايا الامام الحسين . فنطقت العقيلة زينب كما نطقت أمها مخاطبة قالت العقيلة :
«أمن العدل العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وامائك، وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن، تحدوا بهن الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهن اهل المناهل والمناقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدنيء والشريف، ليس معهن من رجالهن ولي، ولا من حماتهن حمي، ولا غرو منك ولا عجب من فعلك وكيف يرتجى مراقبة ابن من لفظ فوه أكباد الازكياء الشهداء».
كشفت حقيقة الزيف الأموي وحربهم للرسول واولاده وبناته، حقدا وبغظا للإسلام، لم يدخل الاسلام قلوبهم، استطاعت العقيلة إيصال صوت الرسول في قصور الطلقاء، فالصوت الرسالي امتداد مدوي يهز اركان الظالمين، كلما حاربوا جيل وقتلو جيل برزا لهم جيل وهذه سليلة بيت الطهارة تهز اركان البيت الأموي في قصورهم، تحول السبي الى لعنات تصب فوق رؤوس الجلادين، تنتصر الكلمة فيه على سيف وجبروت الظالمين. كلمات شجاعة وموقف بطولي وصوت معبر بينت العقيلة قساوة وعداء الطلقا وابنائهم الى الاسلام والرسول وأهل بيته عليهم جميعا السلام، أكملوا مسيرة الامام الحسين وأتموا النصر، أراد بني أمية مسيرة السبايا ذل وهوان ونصرا ومسرات فكانت بطلة كربلاء بالمرصاد ثورة مستمرة تهز اركان قصر الإمارة، خشي فيه ابن الطلقاء من انقلاب الامر عليه وكشف حقيقته، فسارع الى أخراج السبايا من الشام، وإرسالهم للمدينة.
بصبرهم في سبيل الله ورفع كلمة الحق ومواصلة مسيرة الامام الحسين ، رغم قساوة الظالمين، التي لا يتصورها عقل ولا تخط بقلم، كانت صبرهم من اجل هدف لابد ان يتم ليبقى الدين، كان صوت الرسول وأهل بيته مدويا في الشام، فكان حماية الدين على يد بنت امير المؤمنين فذكرتهم بصولات وجولات ابيها الامام علي في قتل أعداء الدين، وصوت البتول وهي تخطب دفاعا في وجه من ظلمها.
كانت المسيرة الم وامل، رغم الفاجعة ومارافقها من الم ومصائب مروعة وأحزان، نشاهد اليوم الأمل يتحقق ان لا تسبى زينب مرة اخرى، تعيش الانسانية مجدا وحياة كريمة ونصرا بعده نصر، بفضل الامام الحسين والعقيلة .
وصلوا المدينة المنورة موطن جدهم، واتجهوا لزيارة الرسول صلى الله عليه واله، خاطبت زينب جدها تعزيه في سبطه، وأنهم ادوا الأمانة وتبليغ الرسالة، وأقيم المأتم عند قبر الرسول صلى الله عليه واله على الشهداء يندبن ويبكين الحسين واصحابه،
بعين دامعة وقلب حزين أتقدم بأحر التعازي والمواساة إلى الرسول الأكرم وفاطمة الزهراء والأئمة الاطهاروالى صاحب العصر والزمان وإلى المراجع العظام، والأمة الاسلامية جمعاء، والى الأخوة والأخوات، بهذه المناسبة الحزينة باستشهاد الامام الحسين ، وأهل بيته الطيبين الطاهرين والنخبة الطيبة المؤمنة من اصحابه النجباء الأبرار، التي ادمعة عيوننا وأحزنت قلوب كل الشرفاء من أمة محمد صلى الله عليه واله، ونشارك الامام زين العابدين وبنات الرسالة مظلوميتهم بمصابهم الجلل في قتل الامام وسبيهم .
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإن لله وإنا إليه راجعون.