آخر تحديث: 2 / 12 / 2024م - 10:34 ص

الدواء والصحة والتعليم والسكن معفاة من ضريبة القيمة المضافة.. ماذا بعد؟

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

​كانا اسبوعان حافلان بالفعل، فحتى قبل أن يبدأ تطبيق ضريبة القيمة المضافة هنا، قررت دولتان خليجيتان هما دولة الكويت وسلطنة عُمان تأجيل التنفيذ لمدة عام، لتصبح المملكة ودولة الأمارات الملتزمتان بالتطبيق بداية هذا العام، كما كان مقرراً.

​وعلى الرغم من أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة لم يكن مفاجئاً، إذ أعلنت المملكة عن تاريخ تطبيقه مسبقاً بعامين كاملين، حيث ظهر الإعلان رسمياً في بيان ميزانية العام 2016، الذي أشار إلى اتفاق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تطبيق الضريبة بدأ من بداية العام 2018. وعلى الرغم من ذلك إلا أن مظاهر عدم الاستعداد «ولعلها طبيعة البعض في التسويف والتأجيل» مازالت واضحة في العديد من المنشآت، فستجد من يقتطع الضريبة دون أن يذكر رقمه الضريبي، وستجد من يتعامل نقداً مما يجعلك تتساءل كيف ستصل هذه الأموال للخزانة العامة للدولة، وهكذا.

وبالقطع، لابد أن هناك آلية تعمل من خلالها الجهات المختصة لتحصيل إيرادات الضريبة إلى آخر هللة. وبالقطع سيكون هناك من سيتلاعب ضريبياً، محاولاً سرقة دافعي الضرائب وسرقة الخزانة في آنٍ معاً، مخاطراً بأن يكون عرضةً لعقوبات هائلة، لكن الرادع الأهم هو أن تكون الآلية مُحكمة لدرجة أن يصاب من يسعى للتلاعب بالإحباط قبل أن يتمكن من الفوز بمالٍ ليس له.

​وقد جاء التطور الأهم قبل نهاية خمسة أيام من تطبيق ضريبة القيمة المضافة، عندما صدرت حزمة من 21 أمراً ملكياً تتصل بالمحافظة على مستوى المعيشة ودرء تأثير الضغوط التضخمية، وكان منها أمران يتعلقان بضريبة القيمة المضافة، وهما: 1. تحمل الدولة ضريبة القيمة المضافة عن المواطنين المستفيدين من الخدمات الصحية الخاصة والتعليم الأهلي الخاص، 2. تتحمل الدولة ضريبة القيمة المضافة عما لا يزيد عن مبلغ 850,000 ريال من سعر شراء المسكن الأول للمواطن.

​وبالنظر إلى انفاق الأسرة، نجد أن حوالي الخُمس يذهب للغذاء والشراب، وإذا أمعنا النظر في السياسة التموينية التي تنتهجها المملكة لعقود، ونجحت من خلالها باقتدار في توفير المستلزمات الغذائية للسكان بكمياتٍ كافية وبأسعارٍ مستقرةٍ، فلعل الأمر يستحق النظر في إعفاءٍ لضريبة القيمة المضافة لمجموعات فرعية محدودة هي الخبز والحليب ومنتجاته والفواكه والخضار، انسجاماً مع السياسة التموينية الفعالة من جهة، وصيانة لتلك المجموعات الفرعية من الضروريات من تلاعب المتلاعبين، فقد نجحت المملكة لعقود متتالية في الحفاظ على سعر ربطة خبز عالي الجودة بريال واحد فقط لاغير، تساوي بين الجميع وهي للجميع.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى