نظام الرياضة الجديد: منع اللافتات والهتافات والشعارات المحرضة على التعصب
اعتمد مجلس الوزراء مشروع نظام الرياضة الجديد، الذي يشكّل نقلة تنظيمية واسعة تهدف إلى تعزيز المهنية والحوكمة، وضبط العلاقة بين الهيئات الرياضية والإعلام والجمهور، في إطار تشريعي متكامل يضع الرياضة السعودية على مسار أكثر انضباطًا وتطورًا.
إطار تشريعي يضبط الإعلام الرياضي
النظام الجديد يفتح صفحة جديدة في تاريخ الإعلام الرياضي، بعدما وضع للمرة الأولى قواعد واضحة لمسؤوليات النشر والتغطية والإعلان والتسويق داخل القطاع الرياضي، بحيث يصبح الإعلام جزءًا من منظومة مؤسسية تلتزم بضوابط محددة تمنع الفوضى، وتحدّ من الرسائل غير المنضبطة التي أثرت سابقًا على قواعد المنافسة.
وبحسب النظام، باتت الاتحادات الرياضية ملزمة بتنظيم الفعاليات والإعلان عنها وتغطيتها إعلاميًا وفق قواعد رسمية، بما يجعل الإعلام الرياضي شريكًا في البناء لا مجرد ناقل للأحداث.
ألزم النظام الأندية الرياضية بنشر تقارير سنوية مالية وإدارية وفنية، ما يعزز الشفافية ويمنح الجماهير والإعلام أدوات أكثر دقة لقراءة المشهد ومساءلة الأداء المؤسسي.
حوكمة التسويق والنشر الرياضي
وشدّد النظام على الالتزام بالأنظمة المتعلقة بالنشر والإعلان والتسويق، من خلال ضوابط تواكب الحراك الرياضي الكبير الذي تشهده المملكة، وتحمي المشهد من التجاوزات التي تصنع الضجيج أو تخلّ بمبادئ المنافسة العادلة.
أتاح للوزارة وضع قواعد للأنشطة الإعلامية والإعلانية، تربط الرسالة الإعلامية بالهوية الوطنية وتحافظ على جودة المحتوى الرياضي.
ويمثل هذا التحول خطوة مهمة باتجاه تعزيز الانضباط المؤسساتي في القطاع الرياضي، بحيث يصبح الأداء الإعلامي جزءًا من عملية التطوير الشاملة التي تقوم عليها رؤية المملكة في تطوير قطاع الرياضة.
على الصعيد الدولي، نقل النظام مسؤولية إدارة العلاقات الإعلامية الخارجية والتمثيل الإعلامي إلى اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية، لتقوية حضور المملكة في المحافل الدولية، والارتقاء بمستوى المشاركة الإعلامية في البطولات والاتحادات العالمية.
وفي المقابل، وضع النظام منظومة عقوبات واضحة تشمل جميع المخالفات الإعلامية والإعلانية والتسويقية داخل القطاع الرياضي، ما يجعل الالتزام معيارًا رئيسيًا لصحة الممارسة.
صلاحيات الاتحادات الرياضية
منح النظام الجديد الاتحادات الرياضية صلاحيات انضباطية موسعة وواضحة، كما ورد في المواد من 51 إلى 55، حيث خوّلها ممارسة سلطات الرقابة والانضباط على الأعضاء والمرخّص لهم والمسجلين لديها، مع تمكينها من إجراء التحقيقات اللازمة وإيقاع الجزاءات بحق المخالفين للوائح والقواعد المعتمدة.
وتشمل هذه الجزاءات الغرامات والإيقاف والحرمان من دخول المنشآت، إضافة إلى إلغاء النتائج أو الجوائز، أو سحب الترخيص أو تعليقه عند الاقتضاء.
أتاح النظام للاتحادات وضع لوائح تفصيلية تُحدّد المخالفات وآليات التحقيق بما يضمن أعلى درجات العدالة والشفافية، مؤكدًا في الوقت نفسه أن العقوبات الانضباطية لا تعفي المخالف من أي مسؤوليات مدنية أو جنائية تترتب على أفعاله.
تنظيم المنازعات الرياضية عبر التحكيم والمركز المختص
وفي السياق نفسه، أرست المادتان 56 و 57 إطارًا تشريعيًا متكاملًا للتعامل مع المنازعات الرياضية، حيث أتاح النظام للكيانات الرياضية وأعضائها والمرخّص لهم والمدربين واللاعبين اللجوء إلى التحكيم كآلية معتمدة لحسم النزاعات بما يضمن سرعة وفعالية الفصل فيها.
اعتبر شرط التحكيم الوارد في النظام الأساس للكيانات اتفاقًا مكتوبًا وملزمًا لجميع الأطراف، ما يعزز وضوح الإجراءات ويمنع تضارب التفسيرات. ولتنظيم هذه العملية، نصّ النظام على إنشاء مركز مختص يشرف على إجراءات التحكيم والوسائل البديلة لتسوية النزاعات، مع تحديد نظامه الأساس وصلاحيات مجلس إدارته، في خطوة تعكس التوجه نحو بناء بيئة رياضية أكثر احترافية واستقرارًا.
مكافحة المنشطات
وفي جانب مكافحة المنشطات، رسم النظام عبر المواد من 58 إلى 60 ملامح الدور المحوري للجنة السعودية للرقابة على المنشطات، باعتبارها جهة مستقلة تضطلع بمسؤولية تنفيذ برامج مكافحة المواد المحظورة وفق المعايير والأنظمة الدولية المعتمدة.
وتشمل مهام اللجنة جمع العينات الحيوية وتحليلها، وإجراء التحقيقات اللازمة، وإيقاع العقوبات على المخالفين، إلى جانب إصدار لوائح تفصيلية للمخالفات والعقوبات، واللوائح المالية والإدارية المنظمة لعملها.
وخوّلها النظام تمثيل المملكة في المؤتمرات والندوات الدولية المعنية بمكافحة المنشطات، بما يعزز حضور السعودية ودورها في حماية نزاهة المنافسات الرياضية.
وألزم الكيانات الرياضية واللاعبين والمدربين بالتعاون مع اللجنة وتمكين فرقها من أداء عملها، في خطوة تعزز الشفافية وتمنع الممارسات المخالفة التي تُعد واحدة من أبرز التحديات في الرياضة العالمية.
غرامات بالملايين وإيقاف وحجب وإغلاق منشآت
وشدّد النظام على تطبيق مجموعة واسعة من العقوبات بحق المخالفين، بما يضمن حماية النزاهة والالتزام في القطاع الرياضي، وذلك دون الإخلال بأي عقوبات أشد منصوص عليها في أنظمة أخرى. وتشمل هذه العقوبات فرض غرامات مالية قد تصل إلى 5 ملايين ريال، وإلغاء الترخيص أو تعليقه لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، إضافة إلى الحرمان من الحصول على ترخيص جديد لمدة تصل إلى أربع سنوات.
ينص النظام على إمكانية الإيقاف عن العمل داخل الكيانات الرياضية لمدة قد تصل إلى خمس سنوات، وإسقاط العضوية في الأندية غير الربحية والحرمان منها لمدة تصل إلى أربع سنوات، أو تعليقها لمدة تصل إلى سنتين.
ويمتد نطاق العقوبات ليشمل إسقاط عضوية رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة في الأندية غير الربحية، والحرمان من الترشح للمجالس لمدة تصل إلى ثماني سنوات، فضلًا عن حل مجلس إدارة النادي الذي لا يتخذ شكل شركة، ومنع المخالف من دخول المنشآت الرياضية لمدة تصل إلى عامين، وصولًا إلى إغلاق المنشأة الرياضية المخالفة كليًا أو جزئيًا، وبشكل مؤقت أو دائم وفق ما تقتضيه طبيعة المخالفة.
عقوبات يومية وعلنية وإصلاحية
أجاز النظام للجنة النظر توقيع عقوبات إضافية إلى جانب العقوبات الأساسية، أو بدلًا منها، حسب نوع المخالفة المرتكبة. تشمل هذه العقوبات فرض غرامات يومية تستمر طوال فترة استمرار المخالفة بعد إبلاغ المخالف، مع تحديد تاريخ بدء احتساب هذه الغرامات، على أن تكون الغرامة الإجمالية في حدود الحد الأعلى المنصوص عليه في جدول المخالفات.
كما أتاح النظام إلزام المخالف بنشر اعتذار عبر الوسيلة الإعلامية التي ارتكب من خلالها المخالفة، على أن يكون ذلك على نفقته الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن نشر قرار العقوبة في وسيلة إعلامية تراها اللجنة مناسبة، على نفقة المخالف، وذلك بعد أن يصبح القرار نهائيًا، ما يعزز من الشفافية في الإجراءات القانونية.
ووفقًا للنظام، يمكن أيضًا إلزام المخالف بإزالة المخالفة خلال مدة زمنية محددة أو إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل وقوعها، مما يساهم في تصحيح الأوضاع بما يتماشى مع اللوائح المنظمة.
ويُحمّل المخالف تكاليف إصلاح الأضرار الناتجة عن المخالفة، سواء كانت أضرارًا مادية أو تأثيرات أخرى على المنشآت أو الأطراف المتضررة.
وأخيرًا، ينص النظام على إعادة المبالغ المحصلة بطريقة غير مشروعة إلى أصحابها، وفي حال تعذر ذلك، يجوز للوزارة استرداد تلك المبالغ إلى الخزينة العامة، مما يمنع المخالف من الاستفادة من مكاسب غير قانونية ويساهم في الحفاظ على نزاهة النظام الرياضي.
عقوبات مضاعفة للمخالفات الخطيرة
اعتبر النظام عددًا من الظروف التي تُعد مشددة للعقوبة، أبرزها الإخلال بالنظام أو الآداب العامة، أو تعريض سلامة المنشآت الرياضية ومرتاديها للخطر، وهو ما يرفع من مستوى المسؤولية على المخالفين.
كما تُعد إصابة أي شخص نتيجة المخالفة عاملًا يزيد من جسامة العقوبة، إضافة إلى اعتبار ارتكاب المخالفة بشكل جماعي أو منظم أحد أهم الظروف التي تستوجب تشديد الإجراءات المتخذة بحق مرتكبيها. ولتعزيز الانضباط، نص النظام على مضاعفة العقوبة عند تكرار المخالفة خلال فترة تصل إلى سنتين من تاريخ المخالفة السابقة، على ألا يتجاوز ذلك الحد الأقصى المقرر للعقوبة.
وفي إطار منح المخالفين فرصة لتصحيح أوضاعهم، أجاز النظام للوزارة توجيه إنذار كتابي يتضمن مهلة زمنية لإزالة المخالفة أو تصحيحها قبل إحالتها رسميًا إلى لجنة النظر، بما يحقق مبدأ التدرج ويعزز العدالة في الإجراءات.
مسؤولية المخالف وإجراءات الاعتراض
أوضحت المادة أن العقوبة تُفرض شخصيًا أو تضامنًا على منسوبي الكيان الرياضي إذا كانت المخالفة ناتجة عن قرارهم أو نتيجة إهمال أو تقصير في أداء مهامهم.
نصت على أن الوزارة تتولى مباشرة العقوبات البسيطة في حال كانت الغرامة لا تتجاوز 50,000 ريال، فيما تُحال العقوبات الأكبر إلى لجنة النظر لإيقاع الجزاء المناسب وفق الإجراءات النظامية.
وأكدت المادة على ضرورة إبلاغ المخالف كتابيًا بالعقوبة، مع توضيح حقه في تقديم تظلم خلال المدة المحددة، وما يترتب على عدم تقديم التظلم من آثار قانونية، بما يضمن شفافية الإجراءات وحماية حقوق الأطراف.
التكاليف والتعاون بين الجهات
ألزمت الوزارة بوضع ضوابط لتحديد تكاليف إصلاح الأضرار الناتجة عن المخالفات التي تلحق بالمنشآت الرياضية، كما أكدت على تعاون الجهات المختصة في تطبيق العقوبات الواردة في النظام.
يمثل نظام الرياضة الجديد نقطة تحول جوهرية في ضبط السلوك داخل القطاع الرياضي، من خلال إنشاء منظومة متكاملة من العقوبات المالية والإدارية والتنظيمية، وهي الأكبر من نوعها على الإطلاق.
ويهدف هذا الإطار العقابي إلى حماية الجماهير والمنشآت الرياضية، ومنع أي مظاهر للتعصب أو العنف أو الشغب خلال المنافسات والفعاليات.
يسهم في ضمان التزام الأندية والكيانات الرياضية بمعايير الترخيص المعتمدة، وتعزيز الشفافية والانضباط والمسؤولية في جميع مستويات العمل الرياضي، بما يحفظ في الوقت ذاته حقوق الجماهير واللاعبين والمنظمين ويكفل بيئة رياضية آمنة ومنظمة تدعم تطور الرياضة السعودية على المستويين المحلي والدولي.













