آخر تحديث: 13 / 12 / 2025م - 1:37 م

بناتنا الفاضلات ديدنهن البر والوفاء

جمال حسن المطوع

البر والوفاء شيء نادر الوجود في عصرنا الحاضر، وخاصة من أقرب المقربين إليك، لأننا في زمن تغيرت فيه المعايير كثيرًا، وأصبحت صعبة المنال إلا ما رحم ربي، ولكن هذه الخصال تتجسد غالبًا في العنصر الأنثوي من بناتنا الفاضلات، اللاتي غالبًا ما تنطبع وتتكرس في سلوكياتهن وشخصياتهن، وبالخصوص تعاملهن المتميز مع آبائهن الذي يبلغ ذروة الحب والاحترام منذ نعومة أظفارهن حتى يصبحن زوجات وأمهات، فتراهن أكثر التصاقًا، ومودة ورحمة، حتى ولو شرقن أو غربن بعيدًا لأسباب خارجة عن إرادتهن، كزواجهن أو سفرهن خارج أوطانهن، مرافقات مع بعولتهن للدراسة أو العمل.

فنفوسهن دائمًا تواقة ومتعلقة تعلقًا لا يوصف بمن كان لهن دور في نشأتهن وتربيتهن، فهن لا ينسين رد الجميل، خاصة عندما يكبر ويشيخ آباؤهن أو أمهاتهن، وذلك لعدم استطاعة الوالدين في الاعتماد على أنفسهم في إدارة أحوالهم البيتية والمعيشية، لأن أخذ منهم الزمان مأخذه، فترى بناتهن يندفعن بشوق ورغبة في تولي عنايتهم ورعايتهم ومتابعة شؤونهم.

وقد روى لي أحدهم حكاية تمثل الواقع الذي نعيشه في أيامنا هذه حين قال: كان هناك أبوان يتسامران في أحد المقاهي، وبين فترة وأخرى يبشر أحدهما الآخر بمولود، وهكذا دواليك، فيكون مجموع ما رزق لكل منهما: الأول عشر إناث، والآخر عشرة ذكور، ودائمًا ما يتبختر ويتفاخر صاحب الذكور على صاحب الإناث.

ولما أخذ منهما العمر مأخذه، كان أبو الأولاد لا يزوره أبناؤه ولا يهتمون بحاله وصحته وتغذيته، بينما أبو الإناث يلقى اهتمامًا واسعًا من بناته، يقمن بتلبية كل احتياجاته والعناية بمظهره، وكل يوم تتكلف ابنة منهن بإعداد الطعام له والسهر على راحته، فلما رآه أبو الأولاد هكذا، أغلق لسانه ولم ينبس ببنت شفة.

إذ غالبًا ما يكون البر والوفاء والرقة والحنان والمراعاة في البنات أكثر من الأولاد، وذلك للطبيعة البيولوجية والوراثية والبنيوية، وبسبب قلوبهن الرحيمة التي زرعها الله سبحانه وتعالى فيهن، حيث لا يعرفن الشدة ولا الغلظة ولا الفظاظة.

وقد صدق من قال: ”كل فتاة بأبيها مغرمة.“

عكس الأبناء الذكور الذين غالبًا ما تجد في معظمهم القطيعة وعدم الاكتراث والتواصل، حتى مع أقرب المقربين، وتاهوا في خضم الحياة وأحداثها، ناسين كل واجباتهم اتجاه آبائهم إلا ما ندر.

والله ولي التوفيق.