آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 9:11 ص

موجبات استثمار إيلون ماسك في السعودية

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال

تستهدف شركة ”هيومين“ بناء 11 مركز بيانات في السعودية موزعة على ”حرمين“ الأول في الرياض والثاني في الدمام، وقد بدأت أعمال التشييد، حيث تهدف ”هيومين“ إلى توليد 6.6 جيجاوات بحلول عام 2035، مما يساهم في تحقيق هدف وطني لتوليد 1.5 جيجاوات بحلول عام 2030، هذا يعني وجود 20-30 مركز بيانات على نطاق واسع، بمتوسط 100-200 ميجاوات لكل مركز. وستستخدم جميعها لأعمال الذكاء الاصطناعي مثل التدريب/الاستدلال ومعالجة الرسوم للمساهمة في جعل السعودية ”ثالث مركز للذكاء الاصطناعي“ بعد الولايات المتحدة والصين، أخذاً في الاعتبار أن عدد مراكز البيانات التي تشيد أو مخطط تشيدها يصل تعدادها إلى المئات في الولايات المتحدة وفي الصين.

المستجد هو أن تساهم شركة xAI فنياً، وهي الشركة التي أسسها إيلون ماسك في بداية العام 2030، والتي تقدر قيمتها حالياً بحوالي 230 مليار دولار، وفقاً لتقديرات وردت في صحيفة وول ستريت جورنال النافذة. الجزء المهم من الاتفاق مع شركة هيومين السعودية هو بناء مركز بيانات ذكاء اصطناعي بقدرة 500 ميغاواط، وقد أعلن عن ذلك خلال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي في واشنطن يوم 19 نوفمبر 2025، وهذا أكبر من المركز الذي تبنيه الشركة «xAI» حالياً في مدينة ممفيس بقدرة 300 ميغاواط، ويتوقع أن يتم التشغيل قبل حلول 2030.

لعل الفوائد التي ستجنيها شركة ”هيومين“ من الشراكة واضحة فشركة xAI تملك المعرفة التقنية والخبرة، وقد تمكنت من تحقيق نجاحات خلال فترة قصيرة منذ تأسيسها، وأن منتجها الأساس «GROK» ينمو بتؤدة في سوق مزدحمة بالمنتجات المنافسة، ولاسيما ChatGPT وDEEPSEEK وGEMINI.

السؤال: ما الفوائد التي تجنيها xAI من هذه الشراكة؟ مبرر طرح السؤال هو لبيان أن إيلون ماسك دخل في هذا الاتفاق مدركاً أن دخوله للسعودية ينطوي على مكاسب استراتيجية لشركته، إذ ستتمكن شركته من الاستفادة من مركز البيانات تكلفته 20-25 مليار دولار، وسيكون المركز فور تشغيله أكبر تجمّع تدريب ذكاء اصطناعي تمتلكه xAI في العالم، متفوقاً حتى على مركزها في ممفيس في ولاية تنسي الأمريكية. وعلينا تذكر أن الشركات بما في ذلك XAI في أمريكا تعاني من نقص في الطاقة والتمويل وتأخير التراخيص، أما في السعودية فبنية تحتية عالمية تُبنى خصيصاً لهذا الغرض. فضلاً عن ذلك أن الشراكة ستمكن xAI على أول انتشار وطني كامل لمنتجها الأساس «جروك» في سوق يضم 37 مليون نسمة، ويمنح المشروع xAI تنويعاً جغرافياً في قلب العالم، ويعيد تموضعها من كونها قابعة في زاوية قصية من العالم إلى موقع استراتيجي لخدمة أوروبا وإفريقيا وآسيا ويمنحها ميزة تنافسية فريدة.

المغزى أن تطلعات السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي تقوم على أسس اقتصادية تصمد لتحليل ”التكلفة/الفائدة“ «Cost/Benefit Analysis»، ولم يفوت ذلك على قائمة طويلة من الشركات العالمية الرائدة في كامل سلسلة التزويد والقيمة للذكاء الاصطناعي، بقي أمرين: 1. أن يروج القالب لاستقطاب اللاعبين المنافسين في الصين وأوربا، وأن يقبل الرواد والمستثمرين من السعودية وأنحاء العالم للاستثمار في الأنشطة ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي المباشرة وغير المباشرة والمستحثة، إذ أن الأمر يتطلب الكثير بالإضافة إلى رقائق إنفيديا عالية الأداء، وخبرة ومعرفة وقدرات التسويق للشركات العالمية التي رغبت أن تكون جزءاً من الشراكة السعودية الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل استثمارات لتوليد المزيد من الطاقة ولا سيما الطاقة المتجددة، أنظمة التبريد بالمياه، وبالتأكيد البناء والتشييد والتطوير العقاري، وحاضنات ومسرعات ومراكز بحوث وتطوير، وبنية تحتية من طرق واتصالات لربط مراكز البيانات ومعامل الذكاء الاصطناعي ببقية معطيات الاقتصاد، ولا يمكن أن ننسى عشرات آلاف فرص العمل التي ستنشأ والتي بحاجة إلى إعداد حتى يتمكن شبابنا المواطن من شغل أكبر عدد منها باقتدار وكفاءة.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى