آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:21 ص

وداعًا يا حميد الأخلاق، وداعًا

عالية آل فريد *

أمام هيبة الموت يعجز اللسان ويتوقف القلم، وتبقى شذرات الروح تضج بالألم والحنين.

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران: الآية 185]

ببالغ الحزن والأسى، وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ننعى اليوم رجلًا عظيمًا، ونودع أخًا عزيزًا وصديقًا مخلصًا. رحل عنا المثقف والأديب حميد آل سيف، تاركًا خلفه سيلًا ثقافيًا من الأفكار الحية والأعمال الأدبية والروائية الرائعة التي ستظل شاهدة على عظمة روحه وشغفه بالكتاب وتعلقه بالقراءة وحبه للاطلاع.

كان أستاذًا ومعلّمًا، رفيقًا للدرب وشريكًا للمواقف واللحظات.

كان رمزًا للمودة، وحكاية تُروى في الصدق والوفاء. كان حاضرًا في كل لحظة، مشاركًا في كل هم، مساندًا في كل ضيق. فاجأنا برحيله سريعًا دون وداع، تاركًا خلفه فراغًا كبيرًا وذكريات لا تُنسى.

لقد كان نجمًا في سماء حياتنا وحياة كل من التقى به أو جالسه أو اجتمع معه. كان أهلًا للخير، ومصدرًا للبركة، وعنوانًا للقيم والفضيلة، يضيء لنا الدليل ويهدينا إلى الطريق الصحيح، مثالًا يُحتذى به في الصدق والعطاء.

الفقيد كان صديقًا ورجلًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. عاش حياته من أجل وطنه، وناضل من أجل مبادئه. لم يكن يعرف الخوف أو التراجع؛ كان قويًا في مواجهة الشدائد، صامدًا أمام المحن.

كان رفيقًا طيبًا لم يعرف التكبر أو الغرور، كان قريبًا من الجميع، يضفي بهيبته ومكانته كل احترام، وكان عنوانًا للبداية والبساطة والتواضع؛ حنونًا، ودودًا، لم يعرف الكره قلبه، محبًا للخير، متفانيًا في مساعدة الآخرين، وكان الصديق الصادق الصدوق في كل شيء، لا يعرف الكذب أو النفاق.

آه على فراقك يا أبا المقداد.

لقد أذرفت القلب دمًا قبل أن تذرف العين دمًا.

رحلت عنا يا طيب القلب، وتركتنا في حيرة ودهشة. ستبقى ضحكاتنا المشتركة ومغامراتنا الممتعة، وحديثنا عن تحديات العمل الفكري والثقافي ومشاكل المجتمع، ومحادثاتنا عن المستقبل، كلها ستبقى محفورًا في قلوبنا.

رحلت عنا يا صديقي، يا عاشق القهوة. لن ننساك أبدًا ما حيينا، وسنبقى نتذكرك ونتعلم منك ومن أفكارك الخالدة التي ستبقى محفورة في ذاكرتنا ووجداننا. سنظل نبحث في كل مواقفك وفي كل شيء جمعنا، كما كنت تبحث عن النكهة المثالية في كل فنجان لتتقاسمها معنا بكل حب.

فنم قرير العين، وسلامًا لروحك السامية.


كاتبة وباحثة سعودية «صفوى».